مزاحم الغيم

ت + ت - الحجم الطبيعي

«الراي» السديد عند أهل «الراي» نعمة ولو كلف غالي الأثمان، وهو الفصل في أعظم المواقف وكم الأضداد والتناقضات المحيطة التي تسيرنا بقصد أو عدم، وكيف السبيل لتحمل ذلك جله ومجاراة رتمه الصاخب دون كبد، وإن جئت للمنطق. الحياة تطلب تعاطياً إيجابياً وقرارات تختلف عمّا هي عليه بالأمس، نظراً لمتغيراتها المتلاحقة والمواكبة التي يطلبها الحاضر والمستقبل، والخيار يبقى لصاحبه بين إلقاء اللوم وتحمل المسؤولية واكتشاف الفرص، فإما التراجع أو المواصلة، حيث لا مجال للتوقف أو الالتفات للوراء.

والسهل من لا يعشق دربه ويفضل ممشاه، وسط عالم أثقل الجميع بتحدياته غير العابئة بالظروف والزمان، والتي غيرت معها السائد وأعادت تشكيل الأدوار والمسؤوليات، وحددت أولوية القرارات المتخذة على كافة الصعد دون سابق إنذار، وفي زمن الظاهر تحتاج لوصفة دقيقة ومدروسة تعين المحتار على ما يواجهه في اتخاذ القرار الصائب للوصول إلى بر الأمان، ويظفر بذلك العارف بحصافته، فلا يكفي أن تكون الأول بإنجازك فقط، فالمعادلة تكمن في الاستعداد للمفاجئ وغير المتوقع، والتعامل مع الذات، والناس، والأحداث والمشكلات بصورة مناسبة.

ومزاحمة الغيم لا تأتي بكثرة التردد والتراخي، اغتنمها من حدد مكانه بين الكبار واختار وجهته المقبلة باقتدار، ولا شك أن أفضل القرارات وأحكمها هو قرار المبادرة بالوصول إلى الوجهة مهما وعرت الطرق، خطوة النجاح مرهونة بموضوعية التصرف، واستشرافية النظرة، ودقة التحليل، وعدم الانقياد وراء لغة المألوف. هكذا هي الحياة لا بد من إدراك طبيعتها أولاً ووضع الأمور في سياقها المنطقي، مدخل ضروري لبلوغ الأهداف المنشودة، والتحليق بعيداً نحو فضاءات اللامستحيل بمرونة وتكيف.

Email