وجهة نظر

النقاء نعمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

واقفة عند المقهى الذي يبعد عن بيتي بضع خطوات بالسيارة أنتظر قهوتي، لأندهش بفوضى المكان الذي يعج بالعمال والسيارات، وأنظر إلى الوقت وقد حان وقت الغروب، ألهمتني تلك الدقائق بأن الحياة لا تستحق انتظار من لا يقدرك بثمن، ولا تعكر مزاجك بمن لا يدرك قيمة الأشياء، ولا تهزم المشاعر على مبتلى في الحياة، قد يكون ذاك البلاء نوعاً من تهذيب النفس لتستفيق عن مسارها الذي أعطاها المزيد من المخالفات، أنت غير مسؤول عن إصلاح العالم، فقط كن لنفسك ملهماً وقدوة لغيرك، فلا تهدر وقتك على تغيير شيء قد تعذر تغييره، فقط قدم النصيحة وارحل وكأنك تركت أثراً على ورقة روزنامة اليوم، اعتبر من سنواتك الماضية ولا تكرر أخطاء قد تعود عليك بمخلفات نفسية، تأخذ من استقرارك وسكينة قلبك وطمأنينة إحساسك، عندما تقدم العامل لتقديم القهوة لي وجدت نفسي أحتاج تلك المرارة لأستفيق من نهج لا يصلح لهذا الزمن، أخذت ذاك الكوب ورحلت بسيارتي لأقف أمام البحر أرتشف القهوة، وتركيزي على الأمواج التي قد تسحب ضجيجاً في رأسي يحتاج إلى جذبه ورميه في عمق البحر لأصبح خفيفة من دوامات استهلكت مني الكثير من الوقت والطاقة.

فكر في قاعدة جديدة تبني عليها أسس الحياة بعد خبراتك التي توصلت إليها من مدرسة الحياة، لتتخرج منها قوياً ملهماً، أؤمن بأن لكل شيء وسطية ليدوم، وكل شيء استهلك منك الكثير سيخلف لك دخاناً أسود يلوث بيئتك المزاجية وصحتك النفسية، وتصبح كهلاً أصيب بسعال مزمن من جراء تلك الأدخنة الرمادية، الاعتدال في كل الأمور والعلاقات والخدمات الإنسانية مطلوبة فلا تتعدَّ حدودك الإنسانية ومستوى طاقتك حتى لا تقع تحت خط الانهيار، فأنت متفرد بنقاء قلبك وفكرك وإنسانيتك، النقاء نعمة فلا تزاحمها بعقول ملوثة.

Email