الرف العتيق

ت + ت - الحجم الطبيعي

على رف الزمن البعيد العتيق غبار ولكن لا يحجب رؤية ما خلفه، فالقلب يرى قبل العين، ولكن قد تكون تلك الأتربة عدد السنين المنقضيات من عمر الإنسان، التي تحتاج إلى مسح تلك الأرقام الواهية ليرى الإنسان ببصيرة عقله ربيعاً من الأزمان، ويتناول من ذاك الرف كتاب الخلق الراقي الذي يفتقده البشر.

في يومياتنا برق خاطف يجتاحنا وحده رغم كل وسائل الاتصال، لأننا نعيش في زمن الأنانية الهاوية التي لا تعرف لصفة الإنسانية مكاناً، الماديات غيرت طبيعة البشر وكأنهم لا يحسون بمن حولهم، كم يحتاج الإنسان إلى سند يتكئ عليه يسانده ويخفف عنه وطأة البلاء ؟، نحن بشر نكمل بعضنا في السراء والضراء، ولكن أحياناً تحتم على الإنسان ظروف تبعده عن القريب والبعيد، ليركن إلى الركن الذي لا يزلزله شيء بالتقرب إلى ربه بالدعاء والصالحات المنجيات عن معيقات ومطبات، كم من مهموم تحييه كلمة وتحركه ؟ تفك عنه قيوداً لازمت حياته، وكم من صدقات تيسير تبعد الكربات، هذه هي البنية الأساسية التي يشد عليها الإنسان أزره ليواسي نفسه قبل كل البشر، ارجع إلى خالق الكون اسأله وارتجيه من محن أحرقت قلبك وطوت أيامك بدخان المآسي، فلا تحبس أنفاسك عن تلك الأجواء المتعكرة، ولكن زاحمها بطيب ومسك الدعاء والصلاة والسجود تذللاً للخالق.

لابد أن تنسجم مع معطيات الحياة الجديدة وتخالف المألوف في سلوكيات البشر، لتمنح نفسك مزيداً من القوة بأنك ما زلت إنساناً خلق بالفطرة على العطاء دون النظر إلى ما يقابله من رماد، فقد تزهر أيام عمرك القادمة باليقين بأن كل ما قدمته لأي إنسان كان مخبأ في أقدار بعيدة وتتفاجأ بأن كل مر تذوقته من جاحد وناكر للمعروف انسكب عسلاً وشهداً صافياً في طريقك وأنت عابر سبيل.

 

Email