شاهدت قبل أيام، أحد البرامج الإعلامية الجديدة، والتي لم تنشر بعد على اليوتيوب، البرنامج يسأل مختلف الضيوف عن مفاهيم متنوعة، ومنها مفهوم العطاء والزمن والوطن. وعندما تحدث الضيوف عن الوطن، تباينت إجاباتهم بتنوع تجاربهم. فاللاجئ منهم يتكلم عن الوطن، ليس كمن ولد وعاش وتربى بين أحضان وطن مستقر وآمن.

وعندما تستحضر بعض الكتابات للأدباء في مختلف الأوطان حول العالم، تتساءل عن التشبيهات المختلفة التي أطلقت على مفهوم الوطن؟ فأحياناً يشبهون الوطن بالأب الحاني، أو الأم العطوف، وأحياناً أخرى يشبهونه بحامي الحريات، أو القاضي بين المتخاصمين. وستستمر التشبيهات لهذا المفهوم طيلة الزمن.

سأستعير مفهوم الأم العطوف لوطني الحبيب، فنحن نعيش في دولة، ما زال تاريخها يستذكر الانتقال من المجتمع البسيط إلى المجتمع المنتج الحديث، ونجحت في ذلك، وعلى أصعدة كبرى، وما زال العمل مستمراً.

ما يميز يوم الثلاثين من نوفمبر، أنه يوم تضحية، ليس التضحية المعتادة من الأم للابن، ولكن تفاني تضحية الأبناء للأم، فالابن البار، هو الذي يضحي بنفسه من أجل أمه. يوم الشهيد، يرتبط بمفهوم التضحية، ومفهوم الكرامة المجسدة في واحة الكرامة، ومفهوم الواجب عند العسكري والطبيب والمدني، ومفهوم الفخر لأبناء هذا الشهيد. فمعنى الشهيد أغنى وأغلى وأعمق من أن يتحدث فيه، بل هي الأفعال التي تثبته.

ونستذكر في هذا اليوم أيضاً، كيف أن المواقف الصعبة تظهر الصديق من العدو، فنستذكر صداقة البعيد وخيانة القريب. ونستذكر أن آخر الحلول الكي والقطع، وأن إدارة الحزم والأمل، صنوان لهدف أسمى واحد، وهو الحفاظ على مكتسبات المنطقة، حتى لا تضيع بسبب شرذمة من الهمج الرعاع، التابعين لولاءات طائفية صرفة.