في وداع صديقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أرجو الله تعالى أن نلتقي على ضفاف الجنة، حينها ستنتهي كل الأحزان وذلك البؤس، سنسمع ما يريح سمعنا ونرى ما لا عين رأت، ذلك وعد الله للمؤمنين ولا يخلف الله الميعاد، صبراً رفيقتي ووعد الله يجمعنا، كنت معنا في دار ممر، كنت طيفاً ونسمة على قلوبنا، كنت ذلك البلسم الذي يمر على الجرح ليلتئم، وفراقك جرحه لا يلتئم، فرقتنا الأيام ولكن القلوب تجمعنا، وفرقتنا الدنيا فحتماً لقاؤنا المنتظر، تلقيت ذاك الخبر وكيف لا تودعيننا، هل أنت استعجلتِ مقامك قبل أن ترسلي لنا كلمات تستبق، جعلك الله في مقعد صدق عند مليك مقتدر، أنت في أقرب منزلة من الرسول محمد لقوله (أقربكم مني منزلة يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً) صلى الله عليه وسلم، وأنت قمة الأخلاق، أبكيتنا عليك، تراك عيني ملاكاً، وأرى الدنيا بدونك غطّاها السواد، لماذا استعجلتِ؟

كيف أمنح نفسي ذاك الرضا بالقضاء والقدر، اللهم لا اعتراض، أعاتب نفسي أم أعاتبك، جلست أقنع نفسي: ألا تريدين رفيقتك مرتاحة آمنة مطمئنة وراحة لها من كل شر؟ هي كذلك، كان الموت راحة لها من كل شر، قد نعيد شريط الذكريات للوراء لنستعيد ما فقدناه، وقد نتربع في ذاك الماضي حيناً من الزمن ليشفي شيئاً من علل القلب الذي أدماه الفراق، وقد نهدأ قليلاً بعد عواصف الذكريات المؤلمة، لنرسو عند بر الأمان لنرضى بأن الرحيل لا يستأذن أحداً.

فكن على يقين بأن تلك نهايتنا، وأن المستقر بعيد، هناك نتزاحم عند باب الجنة، لم تنتهِ الرواية وخاتمتها مفتوحة لكل من أراد أن يخفّف عنه ثقل ما يحمل، لنقتدي بك صديقتي بنصيحة أسديتِها في آخر مطافك، اترك بصمة وأثراً طيباً خالداً في عقول البشر، احفر لك مكاناً صامداً في قلوب البشر، ودع دعاءهم نهراً يرويك في القبر، هو جسر التواصل بيننا، فالوصل يا صديقتي بيننا لا ينقطع، عهداً علينا، اللهم أكرمها فهي ضيفتك وأنت أكرم الأكرمين، ذاك مصابنا أجزعنا أم صبرنا، والخيار لنا الصبر، وبشّر الصابرين، يا ربّ بشّرنا بالجنة تجمعنا، تلك دار الخلد لا فراق بعدها على سرر متقابلين.

 

 

Email