المظهر أم الجوهر؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان الابن وأمهُ يتجاذبان أطراف الحديث بخصوص نجاحه وتفوقه على أقرانه في المدرسة وحصوله على أعلى الدرجات، فقبلّت الأم ابنها وهمست في أذنه «أريدك أن تتفوق أكثر وتكون أفضل شاب في القرية». وبينما الأم تتحدث مع ابنها إذ بالجد يقاطع حديثهما قائلاً «يبدو أنهُ حوارٌ ساخن». فينطلق الابن إلى الجد سائلاً «المظهر أم الجوهر أفضل يا جدي؟». تبسَّم الجد وقال «سأخبرك قصة الرضيع الذي تكلم».

وبدأ الجد بسرد القصة، كان هناك زوجان يعيشان في بيتٍ صغير، ولقد كانت الزوجة تساورها الهواجس دائماً لأن الله لم يرزقهما بمولودٍ بعد، حتى مرتِ الأيام ووضعت الزوجة بعد صبر مولوداً. وفي يوم أخذت مولودها وذهبت إلى السوق وفجأة تحدُث ضجَّة حتى أبصرت الأم أحد أثرياء البلدة، فرفعت رأسها إلى السماء قائلة «اللهم اجعل ابنِي مثله».

فنظر إليها الرضيع بضيق قائلاً «اللهم لا تجعلني مثله». اندهشت الأم أن هذا الطفل لم يبلُغ شهراً ويتكلم. ومن ثم تتفاجأ بصَّبيَة يضربِون جارية بالحِجارة وينعتونها بالسارقة. فتقول الأم: «ربي لا تجعل ابني مثلها». فيقول الرضيع «ربي اجعلني مثلها». ويُكمِل «أمي ذاك الثري ظالم أكل أموال الناس، أما الجارية التي يرمونها بالحِجارة فهي طيبة، ولأنها تنفق على الفقراء اتهمها سيدُها بالسرقة».

حين انتهى الجد، تبسَم قائلاً «ماذا تعلمت من هذه القصة يا حفيدي؟»، فأخبره «جدي تعلمت حِكمة عظيمة أن المظهر ليس كُل شيء لنحكم على الآخرين، الجوهر والقلب هما اللذان يُحكم بهما».

هناك مسافة كبيرة بين ما نراه ونؤمن به، وبين الواقع الذي نجهله، ولكن يخدعنا الظاهر أحياناً. لذا لا تحكم على أحد من ظاهر ما تراهُ منه فقد تكون في حياته أمور أخرى لو علِمتها لتغيرت نظرتك وحكمُك عليه.

 

Email