القادة وصنع القيادات

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما تجد قائداً أو حاكماً يوصي بإخراج جيل من القادة والموظفين الأكفاء، الذين يتحملون المسؤولية مستقبلاً، ويسهمون في رفعة وطنهم، وعلو شأنه، فاعلم أن هذا الرجل قد ترفع عن الأنا، والنرجسية، وأصبح همه الأول تقدم وطنه ورفعته، وهذا ما نجده واضحاً في سلوكيات، وكلمات وقرارات قادتنا وشيوخنا، الذين ضربوا أروع الأمثلة في القيادة، والإدارة حازت إعجاب القاصي والداني، ويكفي أن أسلوبهم في الإدارة والقيادة أصبح محط إعجاب الباحثين، ومنظري الإدارة والقيادة، وأصبح نهجهم القيادي نهجاً غير تقليدي، كم أنا فخورة بإصدار القيادة والإدارة التربوية خلاصة خبراتي القيادية وتعاملاتي مع القادة وكم كانت فرحتي عظيمة عندما اطلعت على كتاب بعنوان «القيادة بأسلوب دبي»، وكنت أظنه باحثاً إماراتياً، ولكني وجدت مؤلفه واحداً من أشهر خبراء القيادة في العالم وهو الدكتور «تومي وير»، الذي استطاع أن يثبت في كتابه، أن نجاح الإمارات وتقدمها لم يأتِ من النفط ولكن من أسلوب القيادة في الدولة، والحرص على بناء قادة جدد في كل المجالات.

ويشير صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم إلى أنه راجع يوماً والده رحمه الله في اختيار شخصية قليلة الكفاءة لقيادة مشروع كبير قائلاً لتلك الشخصية «أعتقد أنك نشيط، ولديك قدرات قيادية، فهل تستطيع إطلاق هذا المشروع، ومتابعته لنهايته؟»، فكان رد المغفور له بإذن الله الشيخ راشد عليه درساً في كيفية بناء القائد الناجح، وليس إيجاد التابع، حيث قال له: «إن أهم صفة للحاكم الناجح هي إحاطة نفسه بقادة أقوياء، ونحن نبحث عنهم دائماً، وعندما لا نجدهم، نصنع نحن القادة، إن مسؤولياتنا يا بني أن نصنع قادة، وأن نعطيهم المسؤولية ونشجعهم حتى يصبحوا قادة حقيقيين».

نعم، لقد كان الشيخ راشد رحمه الله، يرغب في إيجاد قادة لا إيجاد تابعين، فالتابع ينفذ ما يملى عليه من قرارات بينما القائد يبدع ويبتكر وينفذ، ويتقدم. وهو النهج الذي رسخه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد على مدى السنوات. رعى الله قيادتنا الرشيدة، وحفظ شيوخنا، وأدام على دولتنا عزها، واستقرارها وتقدمها، ورحم الله الآباء المؤسسين، الذين كانوا آباء وقادة.

Email