البيانات الصغيرة لدفع عجلة الابتكار والمنفعة العامة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعتبر المنفعة العامة الغاية الأساسية للجهات الحكومية، إذ تقع ضمن أكبر أولوياتها، ومن أهم ركائزها التي تسعى من خلالها إلى تقديم خدمات وحلول مبتكرة بتنافسية عالمية، من شأنها الارتقاء بالعمل الحكومي إلى أعلى المستويات. إن المتعامل أو المستفيد من الخدمات الحكومية محور العمل الحكومي وهو الشاغل الأول للقيادة الرشيدة، التي جعلت من الإنسان محور كل شيء ومقياساً لثروة الوطن. ونستشهد بقول المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في المقولة الشهيرة:

«الثروة الحقيقية هي ثروة الرجال وليس المال والنفط، ولا فائدة في المال إذا لم يسخر لخدمة الشعب».

وفي إطار سعي الجهات الحكومية لتقديم الأفضل، بقيادة سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تبنت الجهات الحكومية العديد من الممارسات المتقدمة والمتطورة، والتي أثبتت نجاحها. ويعتبر القانون رقم (26) لسنة 2015 بشأن تنظيم نشر البيانات في دبي وتقاسمها أحد هذه الأمثلة، وإحدى أهم هذه الممارسات، التي تبنتها القيادة الرشيدة هي الابتكار والتعامل مع البيانات الكبيرة.

ومع ازدياد نسبة المتصلين بالإنترنت ومستخدمي الأجهزة الذكية، فالبيانات التي سوف تتوفر في المستقبل ستكون كبيرة جداً لأن كل هذا الأجهزة قابلة لخلق كم هائل من البيانات.

ومن الجدير بالذكر أنه في عصر الثورة الصناعية الرابعة فإن القرارات والسياسات في حكومة المستقبل ستبنى على البيانات الكبيرة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي والخوارزميات. إن كمية البيانات التي سوف يتم توفرها من قبل الجهات الحكومية ستستمر في النمو بشكل كبير وسقف الابتكارات، فيما سوف تقدمه الجهات الحكومية سيعلو يوماً بعد يوم. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل علينا الانتظار إلى أن تكون البيانات كبيرة بما فيه الكفاية لنتمكن من الابتكار؟ أم يمكننا أن نبتكر بالبيانات الصغيرة؟

إن استثمار الموارد المختلفة في خلق، وجمع، وتصنيف وتوفير البيانات الكبيرة سيكشف عن الكثير من القيم للجهات الحكومية سيتطلب هذا التوقع الناتج عن البيانات الكبيرة الكثير من الجهود من قبل تلك الجهات. وتستغرق تلك العملية وقتاً طويلاً ولا يمكن للجهات أن تتأخر في جني القيمة، التي تقدمها البيانات إلى أن تصبح «كبيرة بما فيه الكفاية». أما بالنسبة إلى بعض الجهات الأصغر حجماً، يمكن أن يعني ذلك سنوات قبل أن تصبح البنية التحتية جاهزة، وأن تتوفر بيانات كافية لقيادة القرارات والتأثير الإيجابي.

وعليه يمكن الاستفادة من البيانات الصغيرة وتطويعها لخلق المنفعة العامة بشكل يمكن القيادات في هذه الجهات من تحقيق الرؤى تدريجياً. وتعرف البيانات الصغيرة بأنها البيانات التي يمكن الوصول إليها نسبياً وقابلة للتنفيذ على الفور بدون استخدام الخوارزميات المعقدة. ويمكن أن يؤدي حجم البيانات الصغيرة وشكلها إلى اتخاذ قرارات مستنيرة على مستويات مختلفة داخل المؤسسة.

* كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية

Email