الشيخ والجودة

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان بإمكان صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أن يستدعي لديوانه مديري الهيئات المسؤولة عن أسوأ خمسة مراكز خدمة في الحكومة الاتحادية، ويوبخهم وينزل بهم العقوبات المناسبة تحت مبرر أن لا داعي للتشهير بهم.

لكن سموه أراد أن يعلّمنا ويعلّمهم درساً منتجاً ومفيداً، وربما قاسياً شيئاً ما، مفاده أن تصويب الأخطاء لا يعد تشهيراً بالأفراد بل تحفيزاً لهم، خاصة عندما يُكلَّفون هم بتصويب أخطائهم والتحول من السلبية إلى الإيجابية والإنتاجية والعطاء والتميز، وأن تجويد الخدمات واجبٌ على كل موظف عام ومطلوبٌ منه، وليس منّةً منه تجاه الوطن والقيادة والشعب.

وفي مدرسة محمد بن راشد الكثير من الدروس، لكن هذا الدرس نحتاجه جميعاً كجرس إنذار، لكيلا نخجل من تصويب الأخطاء والتأشير عليها، ولكيلا نخجل أيضاً من المصارحة والمكاشفة الوظيفية، فـ«الصراحة راحة» كما يقولون.

استوقفتني في تغريدات صاحب السمو، رعاه الله، بعد الإعلان، مسألتان؛ الأولى مقولته: «تقييم الخدمات سيكون سنوياً، ولدينا تقييم سنوي للوزراء وكافة الوكلاء ومديري العموم، وتقييم سنوي للوزارات والهيئات أيضاً، وسنعرض كافة تقاريرنا بشفافية». وهذه نقطة مهمة، لأن الأصل في المسؤولية أن تترافق مع المساءلة، وإلا فكيف نعرف المسؤول الجيد المنتج من المسؤول السيئ المُـسيء؟

والنقطة الثانية قول سموه، رعاه الله، بعد أن أمر بتغيير مديري أسوأ المراكز فوراً، أنه طلب إبدالهم «بمديرين يعرفون كيفية التعامل مع الجمهور بمستوى يليق بدولة الإمارات»، وهنا كلمة سر يبدو أنها تغيب عن كثيرين من مديرينا وموظفينا: التعامل مع الجمهور هو جوهر الخدمة الحكومية، ولعل هذا يعيدنا إلى الشعار الرئيسي لحكومة محمد بن راشد منذ تسلمه، رعاه الله، رئاسة مجلس الوزراء، والتي أعاد التأكيد عليها في رسالة الموسم الجديد: «كررنا عشرات المرات للجميع أن الهدف من وجود الحكومة هو خدمة الناس»، مستكملاً بذلك ما قاله في جلسة العصف الذهني مؤخراً: «الوظيفة الحكومية حياة كاملة في خدمة الناس».

أعتقد، بعد كل هذا التأكيد من القيادة على أهمية التعامل مع الجمهور وخدمتهم، فإن من لا يفهم هذه المعادلة ولا يجيدها، فأفضل ما يفعله لنفسه وللوطن هو العمل بنصيحة صاحب السمو، رعاه الله، فيستريح من العمل الحكومي والميداني. وبصراحة، فنحن الآن في مستويات من التميز الحكومي لا تحتمل الخطأ ولا التقصير، ولا التهاون، ومن لا يريد أن يركب معنا في مركبة «محمد بن راشد» للتميز، فليعد إلى بيته سالماً غانماً.

أما بعد فقد بادر سمو ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي بالإعلان أن حكومة دبي ستعلن هي أيضاً أسماء أفضل وأسوأ مراكز الخدمة في دوائرها، ترى هل نرى بقية الحكومات المحلية تقوم بخطوات مماثلة؟

Email