ليس مجرد عمل

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل أنت من أولئك الذين ينزعجون من فكرة انتهاء العطلة والعودة إلى العمل؟ هل ساعات العمل تمضي لديك ببطء شديد وكأن عقارب الساعة لا تتحرك معك وتتفاجأ على النقيض من انقضاء تلك الساعات بسرعة عند زملائك الموظفين؟!

إذا كانت إجابتك بنعم فذلك يعتبر مؤشراً خطيراً يدق ناقوس سعادتك في بيئة عملك، مؤشر وجب عليك من بعده أن تتقن سعادتك الوظيفية من خلال التعرف على ماهية تلك الحالة التي تصيبك وتحد من سعادتك، فلماذا إذن يحدث معك ذلك؟

لعل أسباباً كثيرة تقف خلف ذلك لكنها تتمحور جميعها حول ضعف دافعيتك وفقدانك للمعنى الحقيقي للعمل، نعم فالموظفون الذين يداهمهم الوقت من حولك يمتلكون معنى للوظيفة التي هم فيها لذلك تراهم يشغلون ساعات عملهم بالإنجاز والتفاني بالعمل عكس حالتك تماماً.

فالوظيفة بالنسبة إليك ما هي إلا مجرد وسيلة للكسب المادي دون أن تبحث عن المعنى الحقيقي للوظيفة ودون أن تلهم نفسك بالرؤية التي صاغتها جهة عملك مما حد من إسهاماتك وإنجازاتك، وحتى وإن بذلت جهوداً في تأدية أعمالك الموكلة إليك إلا أن غياب الوعي الكافي لديك بالهدف من وراء تلك الأعمال يضعف تلك الجهود ويقلل من جودتها، فأنت تمضي أوقاتاً طويلة محدقاً على جزء من الصورة دون أن تكلف نفسك عناء مشاهدة الصورة الكاملة.

فالطبيب مثلاً الذي يرى أن وظيفته إنسانية في المقام الأول ويقبل عليها مع دافع قوي يلهمه بتوفير رعاية صحية عالية الجودة للمرضى ستكون أعماله ذات معنى وقيمة تشعره بالسعادة بمجرد ما يرى توافقاً ما بين أعماله والرؤية العامة للمستشفى الذي يعمل فيه، عكس الطبيب الذي ينظر إلى الوظيفة على أنها مجرد عمل للكسب المادي دون أن يكون لديه ذلك الدافع والمعنى.

فهناك غاية سواء كانت فردية أو مؤسسية يجب أن تكون حاضرة عند الموظفين عند قيامهم بواجباتهم الوظيفية، فبدونها غاب الدافع والمعنى اللذان يقفان خلف الوظيفة.

ولا نذهب بعيداً عند الحديث عن الغاية، ففي دولة الإمارات، صاغت حكومة الاتحاد رؤية واضحة المعالم لعام 2021 بأن تكون من أفضل دول العالم، ولم تكتفِ بذلك فحسب بل سابقت الزمن ووضعت رؤيتها حتى عام 2071 بأن تكون الدولة الأفضل في الذكرى المئوية للتأسيس مستلهمةً من حكمة الآباء المؤسسين وتجاربهم منهجاً لها في الوصول إلى تلك الغايات.

فهل من بعد شق ذلك الطريق الوعر لتلك القمم صعوبة في المسير؟ هل من المعقول غياب دافعيتك للعمل في ظل وضوح تلك الغاية الملهمة؟ ليس مجرد عمل الذي نذهب إليه كل صباح بل هو عطاء لا محدود نحو تحقيق الريادة العالمية لدولة اللامستحيل.

Email