قلوب قاسية

ت + ت - الحجم الطبيعي

ماذا عن هموم باليه، وحرائق الأوغاد خلفت رماداً تراكم وعكر صفو الحياة، واجترت مني أعصابي ولحظاتي وأيامي، وتلك القسوة في البشر كالصخور. بل الصخور تصدعت من خشية الله، فكيف لتلك القلوب أن تعيش بيننا وكأنها أبواق خطر تدق، وكيف لك أن تنسجم وتقوى لبقية أيامك وأنت تتشرب من سموم الأفاعي في أدغال الشر، من صميم الحياة ومن تلك الرواية بدأت أسرد فصولها لأن السجل امتلأ وشحنات طاقتي انعدمت، وبدأ القلم يخط ثقل الحروف والكلمات بلغة لا يفهمها إلا من ذاق مرارتها.

في مسلسل أحداثه وشخصياته لا تعرف إلا دسائس الشر تكبل بها ضحاياها الذين لا يملكون إلا الالتجاء إلى الله، وتفويض الأمر لله فهو البصير بالعباد، لأننا في النهاية ضعفاء أمامهم لا تسمح قلوبنا بالرد والانتقام منهم بنفس السلاح، لأننا أقوياء بالله متسلحين بالثقة التامة بأن النهاية حتماً سترينا فيهم عجائب قدرته، في الدرك الأسفل من براكين الأرض التي تحطمت صفائحها الحجرية من خطاهم وثقل أوزارهم، ليصبحوا رماداً يتطاير، ومخلفات لا تحتملها الأجواء، فأنت وقتها أسدل أمام عينيك ستار المشاهد والفصول المتوالية لمسرحية الشر، لتكتب لك خاطرة أو حكمة أو عبرة يعتبر بها أولو الألباب، فالحياة أحداث متوالية على خشبة المسرح تعايش أبطالها بأدوارهم أتقنوا الأداء من عمق قلوبهم الملوثة وخبث نواياهم، لا تتعالى أيها الإنسان فأنت محاسب أمام الخلائق يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، يوم تسود وجوه وتبيض وجوه.. يوم يُحشر المجرمون زرقاً، فيا رب حسن الخاتمة لكل مظلوم محزون، ارفعه وانصره واجعله في عليين. ألا تدري دمعة المظلوم عند الله صاعقة يضرب بها الظالم ولو بعد حين.

والظالمون يذرهم في طغيانهم يعمهون، دعوة لكل مظلوم الاحتساب عند ربهم والوقوف بين يديه في ظلمة الليل الكاحل فسهام الليل لا تخطئ، وتنبيه لكل ظالم بأنه ظلم نفسه ورفع قدر غيره عند ربه، وعاث في الأرض فساداً يشتت الأنام، ويزرع الأشواك، مسكنه كهوف الخفافيش.

ويبني قبوراً مظلمة تسكنها الأفاعي، لو نظرت لوجهه تشمئز من سوء ما يفعلون، باع آخرته واشترى الضلالة بالهدى، ما أتفهها الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة، وهم يهيمون فيها في حرب من أجل الخلود، متى ستبكي وتشخص عيناك من أهوال الجزاء، ومتى ستدرك القدر المحتوم المنتظر، قريباً فالأيام سريعة والسنون برق خاطف، الدنيا مدرسة الامتحان فيها قبل الموعظة. ففي أي لحظة ستسحب منك الورقة دون وقت إضافي، فيا حسرتى على ما فرطت في جنب الله، يا ظلمة الليل والعبد واقف يرتجي.

وعند ربه الوعد هل من سائل فأعطيه، ويقين العبد باقٍ ولو طال المدى، ستشرق الشمس يوماً ببشرى فرحة تبكيه، فاعمل يا عبد الله الصالحات وتقرب بها وكن عابر سبيل وخطاك ذات أثر، ولا تيأس من روح الله، فهو معك يسمعك ويراك ويقيس مدى صبرك، ستندهش يوماً بالعطايا وكأنك لم تعش يوماً بالبلايا مبتلى.

Email