التسامح الاجتماعي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تملك مؤسساتنا الحكومية سواء وزارات أو هيئات المقومات اللازمة من إمكانيات بشرية ومادية وتقنية لأداء رسالتها تجاه المجتمع بمهنية واحترافية غير مستغربة. إلا أنني أرى أنه من الأهمية لتحقيق المزيد من النجاح في هذا المضمار أن تفتح أبوابها تجاه الأفكار التي تطرح أو المبادرات التي يتم نشرها أن تنشئ قنوات من التواصل مع الكتاب والفاعلين في المجتمع فتستمد منهم الأفكار المبتكرة وتسمع مبادراتهم المفيدة ودون أدنى شك سيجدون الجديد والمبتكر من الناس. أقدم عام التسامح كمثال يجب فيه تكثيف البرامج والأنشطة ولا يمكن تحقيق هذا الجانب دون مبادرات تستهدف مختلف شرائح المجتمع للتفاعل وتقديم الأفكار والآراء.

ومن جانب آخر دور المدرسة كمؤسسة اجتماعية في تعزيز هذه القيمة في الأطفال والنشء منذ نعومة أظفارهم نحتاج إلى تعزيز التسامح وأن يكون جزءاً في هذه الحياة المعاصرة وسط هذا الوهج المعرفي وثورة الاتصال أن يكون للمدرسة دور إيجابي في هذا الجانب.

فثقافة التسامح يمكن ترسيخها في نفوس الأفراد من خلال التنشئة الأسرية والمدرسية والتي يقع عليهما مسؤولية تربية وتوجيه وإرشاد وترسيخ المحبة والتفاعل بين الأفراد فمن جهة التنشئة الأسرية التي تعد أول خلية اجتماعية ثقافية نفسية تعمل على تنمية وتربية الفرد منذ النشأة إلى سن المراهقة، لأن الطفل يكتسب قيم التسامح من المحيط الذي يعيش فيه بمعنى على الوالدين أن يكونا في علاقاتهما الاجتماعية والثقافية مبنية على التشاور والاحترام والتعاون.

أما التنشئة المدرسية فمهمتها تنمية مفاهيم حرية التعبير داخل الصفوف الدراسية وأيضاً بث التعاون وتبادل الأفكار بين التلاميذ من جانب وبين التلاميذ والمربين التربويين من جانب آخر وأن تعزيز هذه المحبة والتسامح لا يأتي إلا من خلال المناهج الدراسية وأساليب تعامل المربين التربويين مع التلاميذ داخل الصفوف الدراسية.

أيضًا لا ننسى في بيئات العمل كثيراً من الدوائر والجهات والمؤسسات سواء في القطاع الحكومي أو الخاص لا توجد لديها برامج لتعزيز التسامح بين موظفيها.

إننا اليوم في أشد الحاجة إلى التسامح الاجتماعي الفعال والتعايش الإيجابي بين الناس أكثر من أي وقت مضى، نظراً لأن التقارب بين الثقافات والتفاعل بين الحضارات يزداد يوماً بعد يوم بفضل ثورة المعلومات والاتصالات والثورة التكنولوجية التي أزالت الحواجز الزمانية والمكانية بين الأمم والشعوب، حتى أصبح الجميع يعيشون في قرية كونية كبيرة، إن الأصل في العلاقات الاجتماعية والإنسانية، أن تكون علاقات قائمة على المحبة والمودة والتآلف، حتى ولو تباينت الأفكار والمواقف، بل إن هذا التباين هو الذي يؤكد ضرورة الالتزام بهذه القيم والمبادئ.

فثقافة التسامح توفر للفرد صيغة سلوكية ثقافية اجتماعية تعمل على تكوين العلاقات الاجتماعية الإيجابية وتنظيم المجتمع والحفاظ على استقراره وتعمل على خلق وعي ثقافي اجتماعي للعلاقات الاجتماعية المبنية على التعاون والتبادل بين الأفراد كما تعمل على مساعدة الفرد في التحمل للمسؤولية من أجل الوقوف بوجه مشكلات الحياة الاجتماعية إذ إنها تنمي مشاعر الإحساس الاجتماعي بالمجتمع.

 

Email