انتصار ابن سلمان

ت + ت - الحجم الطبيعي

الجولة التي بدأها من دولة الإمارات الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي وتنقله إلى عدة عواصم وصولاً إلى ترؤس وفد المملكة في قمة العشرين؛ تحمل في طيّاتها رسائل متعددة الاتجاهات تؤكد حقيقة واحدة هي انتصار السعودية، وانتصار الأمير محمد بن سلمان على الذين كادوا للمملكة وولي عهدها في الشهرين الأخيرين على النحو الذي تابعناه جميعاً.

فالمملكة أثبتت في تعاطيها مع الأزمة المصطنعة خلال الأسابيع الثمانية الماضية أنها لا تزال رقماً صعباً، في المعادلة العالمية وليس الإقليمية فحسب، واتضح ذلك جلياً في التعامل الهادئ والرصين والمتدرج مع الأزمة المفتعلة بشكل عرّى نوايا البعض وكشفهم أمام جمهورهم وأمام العالم، وتهاوي المواقف السلبية واحداً تلو الآخر، بل ثبات موقف الرئيس الأمريكي منذ البداية الذي آمن واقتنع ببراءة المملكة من المؤامرة الدنيئة.

الأمير محمد بن سلمان، في قناعتي، أثبت من جديد حسّه القيادي وأدار الأزمة بحنكة استقاها من تاريخ والده التليد، وكيف لا وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان قائد إداري متميز قبل أن يكون سياسياً محنكاً.
لكن حدّة الهجوم والتجنّي على ولي العهد السعودي هي بالتحديد ما جعله اليوم يرتدي حلّة المنتصر وله كل الحق في ذلك، بعد الفشل الذريع والهزيمة الأخلاقية الكبرى التي مُني بها المشروع الظلامي الذي حاول استغلال جريمة مقتل مواطن سعودي لمحاولة زحزحة الجبل السعودي وتشكيك المواطنين السعوديين بقيادة المملكة، بل وصلت الجرأة بأصحاب ذلك المشروع إلى حد التدخل في أخص خصوصيات بيت الحكم السعودي من خلال المطالبة الساذجة بتغيير ولاية العهد.

من هنا يخرج الأمير محمد بن سلمان منتصراً ليس فقط في بياض صفحته من تلك الجريمة المستنكرة، بل في المزيد من التفاف الشعب السعودي حوله وحول قيادة والده خادم الحرمين الشريفين، وتزايد الدعم الشعبي لمشروعه الطموح للمملكة «رؤية 2030» ولعل من شاهد التفاف المواطنين السعوديين العفوي حول ولي عهدهم الشاب في فعاليات بطولة «فورمولا 1 أبوظبي» يدرك المغزى الكبير وراء ذلك.

مشكلة الذين يناصبون السعودية العداء أنهم يتصرفون بمراهقة شديدة معتقدين أنهم إذا نفخوا بأفواههم تجاه السعودية، فإنها ستطير، أو إذا أشبعوها زعيقاً، سترتعب وتستسلم، وينسون أن أفضل وصف لطموحاتهم الساذجة هو بيت الشعر العربي الشهير عن ناطح الصخرة، فكيف إذا كانت تلك الصخرة جبلاً أشمَّ متكاتف البنيان!

فالمملكة الشقيقة بفضل الله تعالى ثم بهمة رجالها حصن منيع في وجه كل حاقد، ومن يتوهم أنها لقمة سائغة ستثبت له الأيام أنها شوكة في حلقه، وإذا تجاوز، ستكون طعنة نجلاء في خصره. وإذا كان الأمير محمد بن سلمان اليوم يزهو بانتصاره على مؤامرتكم الدنيئة، فعليكم أن تتذكروا أن ما بعد هذه المؤامرة ليس كما قبلها، فمثلما التفّ السعوديون حول قيادتهم، التفّ أشراف الخليج والعروبة أيضاً حول إخوتهم في المملكة، ولم ولن يقبلوا أن يمسها ضير.

أما النصيحة الأخيرة للمتوهمين فهي كلمة بسيطة: لا يليق برؤساء الجمهوريات وقادة الدول أن يبنوا مواقفهم السياسية على خزعبلات مجتهد، وافهم يا...!

Email