مجرد أضغاث أحلام

ت + ت - الحجم الطبيعي

ذهب الموظف لتقديم مادة العرض للمقترح الذي تم إعداده لتطوير أحد مشاريع المؤسسة، الذي استنزف منه الكثير من الجهد والوقت، ذهب بنشاط وتفاؤل وثقة بأن هذا المقترح سيعد بحد ذاته نجاحاً بكل المقاييس وسيعكس مدى كفاءته. ولكن ردة فعل المدير كانت بعكس توقعاته تماماً لأن ملاحظاته كانت سيلاً من الانتقادات السلبية الجارحة. وأحد هذه الانتقادات التي تتكرر دائماً على مسامعه وتسبب له الإحباط هو أن لديه مشكلة في التركيز، وهذا ما جعله يتغاضى عن دمج الأهداف الاستراتيجية الخاصة بالمؤسسة في المقترح بالرغم من خبرته الطويلة فيها.

ومع استمرار إرسال هذا المدير للرسائل السلبية تبدأ ثقة الموظف بالانحدار تدريجياً، لأن عقله اللاواعي يحتفظ برسائل الخوف والضعف والسيناريوهات المزيفة والسلبية عن ذاته التي يحددها المدير فتنعكس على سلوكه وتصرفاته.

بعض الأفكار السلبية عن الذات قد تكون مثل الإعصار الذي يحطم الإنسان ويجعله هشاً، لأنه أحاط نفسه بجدران الخوف والشكوك وحقن عقله بالأفكار والمعتقدات السلبية عن ذاته. فتتدمر النفس وتتلاشى الإنجازات وتتحول الحياة إلى كابوس مزعج بسبب زيادة الأفكار السلبية.

وهذا يذكِرنا بقصة فيل السيرك المطيع الذي تم برمجته منذ صغره حتى يصبح عاجزاً عن التمرد، فلقد كان مدربو السيرك يتعمدون ربطه بحبل غليظ وهو صغير بشجرة ضخمة حتى لا يتمكن من الحِراك بالرغم من محاولاته المستمرة للتخلص من هذا الحبل، ولكن كل محاولاته كانت تبوء بالفشل لأنه كان صغيراً غير قادر على قلع تلك الشجرة.

وتمر الأيام ويصبح هذا الفيل بحكم طبيعته وحجمه وقوته قادراً على أن يقتلع أي شجرة من جذورها وبإمكانه أن يقطع الحبل بكل سهولة مهما كان حجمه وسمكه، ولكنه لا يزال لا يستطيع التحرّر من قيده، لأن فكرة عجزه تم زرعها وتكرارها مراراً وتكراراً حتى غُرست في عقله اللاواعي منذ صغره، فأصبح هذا العجز جزءاً من معتقداته التي لا تقبل التشكيك، لذا أصبح من السهل ضبطه والسيطرة عليه.

لذا كلما تذكرت اليوم الذي تحطمت فيه مجاديف طموحك بسبب انتقادات الآخرين المحبطة التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ منك، حاول أن تحرر ذاتك ببرمجة العقل الباطن بطرح الأسئلة الإيجابية والتحفيزية.

وفقاً لكتاب قوة التحكم في الذات للدكتور إبراهيم الفقي، رحمه الله، يجب أن يتم تدوين خمس رسائل سلبية كان لها أثر سلبي عليك، مثل «أنا موظف فاشل، أنا عصبي» وبعد ذلك مزق الورقة وتخلص منها. واكتب خمس رسائل إيجابية تعطيك الحافز للتميز، مثل «أنا موظف ناجح، أنا مميز، أنا أستطيع التركيز»، ودوّنها في مفكرة صغيرة بحيث تطلع عليها باستمرار.

ابتداءً من اليوم احرص على الكلمات التي تقولها لنفسك وما يقوله الناس لك، فلو لاحظت أي كلمة سلبية قم بإلغائها مباشرةً واستبدل بها كلمة إيجابية. حاول أن تحرر نفسك من المخاوف وكلام الناس السلبي وتعامل مع واقع الانتقادات اللاذعة وكأنها مجرد أضغاث أحلام.

Email