أهلاً بالرئيس الصيني

ت + ت - الحجم الطبيعي

اليوم الخميس، يبدأ الرئيس شي جين بينغ، رئيس جمهورية الصين الشعبية، زيارته التاريخية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، مدشناً بذلك عهداً جديداً للعلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، والشريكين التجاريين اللذين يمثلان نموذجاً للتعاون الاقتصادي والسياسي والعسكري على مختلف الصعد.

ومنذ زيارة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان، يرحمه الله، إلى الصين عام 1990، افتتح البلدان مساراً متصاعداً من العلاقات الثنائية القوية في مختلف الصعد، تم تتويجها بالزيارة التاريخية التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى العاصمة الصينية في ديسمبر 2015، وما نتج عنها من اتفاقيات مهمة تم تعزيزها عبر عشرات اللقاءات الثنائية التي تلت الزيارة.

وكان آخر تلك اللقاءات الدورة السادسة للجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين في سبتمبر الماضي، التي اتفق البلدان خلالها على تطوير التعاون في 13 مجالاً تنموياً شملت التعاون التجاري والاقتصادي، والاستثمار، والصناعة، والطاقة والطاقة المتجددة، والشركات الصغيرة والمتوسطة والصناعات المبتكرة، والصحة، والتعليم، والسياحة، والبنية التحتية، والخدمات المالية، والفحص والحجر الصحي والمواصفات والمقاييس، والفضاء والطيران، والتعاون المحلي.

واليوم، تأتي زيارة الرئيس الصيني إلى البلاد لتعيد تأكيد عمق هذه الشراكة، ولتؤصل من جديد مسارات التعاون المستقبلي بين البلدين الصديقين، إذ أصبحت الصين الشريك التجاري الأول لدولة الإمارات منذ عام 2016، وسجّل البلدان حجم تبادل تجاري غير نفطي قيمته 53.3 مليار دولار العام الماضي، ما يجعل الإمارات أكبر شريك تجاري للصين وأكبر سوق للتصدير وإعادة التصدير في المنطقة العربية.

وقد تجاوز إجمالي الاستثمار الصيني المباشر في الدولة 9.1 مليارات دولار حتى نهاية عام 2017، منها 610 ملايين دولار في السنة الماضية وحده، بما في ذلك النفط والغاز والبنية التحتية والمالية والبناء والاتصالات والتجارة وغيرها موزعة على 4200 شركة صينية، وجالية بلغت 300 ألف نسمة، وحركة سياحية كثيفة تخطت المليون سائح صيني سنوياً إلى مختلف الوجهات السياحية في الدولة.

ويقابل ذلك استثمارات إماراتية مباشرة في الصين تصل إلى 2.1 مليار درهم، بينما بلغ إجمالي صادرات الدولة من المنتجات غير النفطية خلال السنوات الخمس الأخيرة 23.4 مليار درهم، فيما أعيد تصدير ما قيمته 39.5 مليار درهم من منتجات مختلفة إلى الصين خلال الفترة نفسها.

لكنّ علاقاتنا مع هذا التنين الاقتصادي العملاق لا تتعلق بالاقتصاد والشراكة التجارية فقط على أهميتهما، فالصين قطب دولي أثبت أهميته وعمق دوره السياسي والاستراتيجي على الصعيد الدولي، وعلاقاتنا مع الصين في هذا السياق تستكمل مثلث توازن العلاقات الدولية، ونحن نتجه إلى عالم ثلاثي الأقطاب، وقد اختارت الإمارات مبكراً أن تكون علاقاتها قوية ومتجذرة ومتنوعة مع الصين وروسيا والولايات المتحدة، حتى لا نقع في فخ التخندق والانحياز غير المتكافئ، كما أن طموحاتنا المستقبلية في الصناعات المتقدمة وتمكين العلوم والتكنولوجيا والابتكار تحتاج إلى شراكة نوعية مع شريك من نوعية الصين الغنية بمراكز البحث العلمي والجامعات التكنولوجية.

زيارة الرئيس للإمارات، التي تبدأ اليوم، زيارة ترسّخ قواعد الشراكة الاستراتيجية، وترسم أسس الانتقال مراحل أعمق من التعاون السياسي والثقافي والاقتصادي.

أهلاً وسهلاً بضيف الإمارات الكبير.

Email