الانسحاب... بلا شروط!

ت + ت - الحجم الطبيعي

كثيرون يتساءلون لماذا تطلب الإمارات انسحاباً غير مشروط للحوثيين من مدينة الحُديدة، والإجابة تختصر في الواقع كل الأسباب التي أدت إلى قبولنا؛ نحن وأشقاؤنا السعوديون ضمن التحالف العربي لدعم الشرعية، دعوة الحكومة الشرعية في اليمن للمشاركة في عاصفة الحزم وإعادة الأمل، وصولاً إلى الوضع الحالي في الحُديدة.

وابتداءً لا بد من التذكير بأننا نتصرف وفقاً للقانون الدولي، فعدا عن الاستجابة لدعوة الحكومة الشرعية، فإننا ننفذ في الوقت نفسه قرار مجلس الأمن في الأمم المتحدة رقم 2216 الذي ينص على إعادة الحكومة الشرعية اليمنية إلى الحكم، وتمكينها من إدارة الأمور في كل أراضي الجمهورية اليمنية، وما يعنيه ذلك من توفير الاستقرار والازدهار والحفاظ على سلامة المدنيين وأمنهم.

من هنا نحتاج أن ننظر إلى معركة الحديدة وشروط الإمارات والتحالف نظرة جديدة، فعصابات الحوثي لا تكتفي بالقتال ضد قوات الشرعية اليمنية والتحالف العربي، وإنما تمارس في الوقت نفسه نوعاً من الإرهاب والابتزاز ضد المدنيين اليمنيين وبأسلوب يندى له الجبين.

فبالإضافة إلى زرع الألغام الأرضية والعبوات الناسفة واستخدام المدنيين دروعاً بشرية وتقييد تحركاتهم، نجد أن الحوثيين استمرأوا التنكيل بهؤلاء المدنيين واستباحة منازلهم كما حصل في الحُديدة خلال الفترة الأخيرة، حيث قامت العصابات الانقلابية باستباحة عشرات المنازل ونصب الأسلحة الرشاشة والمدافع فوق سطوحها، في تهديد واضح وصارخ لأمن سكان هذه المنازل المدنيين وسلامتهم.

ولا تزال هذه العصابات تزرع الألغام البحرية في ميناء الحُديدة لإعاقة حركة سفن الإغاثة المحمّلة بالغوث والطعام والمعونات الطبية والإنسانية في مسعى واضح لمنع وصول هذه المساعدات إلى المدنيين، لكي يتباكى الحوثيون ومن وراءهم بعد ذلك على ما يسمونه تهديد التحالف العربي لوصول المساعدات إلى مناطق سيطرة العصابات الانقلابية، بينما يعلم الجميع أن من يعيق وصول هذه المساعدات هم الحوثيون وحدهم، سواء بالمنع المباشر أو بالمنع غير المباشر حين استخدموا السفن التجارية أداة لتهريب الأسلحة والذخائر بشكل غير شرعي.

إن إصرارنا، في الإمارات والتحالف، على انسحاب العصابات الانقلابية غير المشروط من الحُديدة، لا يقتصر على الأهداف العسكرية والسياسية فحسب، ذلك أن له بُعده الإنساني المهم، لأنه سيضمن بعد ذلك وصول المعونات الإنسانية وانسيابها ليس لسكان الحُديدة فقط وإنما لكامل المناطق التي تتغذى من ميناء الحُديدة.

ومن يتابع فعاليات التحالف خلال السنوات الثلاث الماضية يدرك تمام الإدراك كم من الجهود بذل التحالف لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى كل أرجاء اليمن، وفي المحصلة لسنا نحن من استخدم الغذاء والدواء وسيلة لمساومة المدنيين على الدعم والولاء للسلطة الانقلابية وإلا فالجوع والمرض.

لقد ذهبنا إلى اليمن وضحّينا بأبنائنا تكريماً لشعبنا اليمني الشقيق ودفاعاً عن حقّه المشروع في تقرير مصيره وعدم الوقوع فريسة لعصابة إرهابية لا تحترم حياة أي يمني، لذلك فإن منطق الأمور يعني أن تكون كل إجراءاتنا العسكرية والسياسية تصبُّ في هذا الاتجاه. من هنا فإن الإصرار على الانسحاب الحوثي غير المشروط من الحُديدة هو الوسيلة الوحيدة لتسهيل تدفق المعونات الغذائية وعودة مطار الحُديدة ومينائها للعمل بشكل كامل خدمة لأبناء اليمن الشقيق.

ويبقى أن الحل الكامل والشامل للمعضلة اليمنية لن يكتمل إلا بعودة الحكومة الشرعية المنتخبة إلى كل أرجاء الأراضي اليمنية واستئناف العمليتين السياسية والتنموية في البلاد، وهو أمر لن يتحقق طالما يسيطر الحوثيون ولو على متر واحد من البلاد.

Email