فرصتك للتغيير

ت + ت - الحجم الطبيعي

جميعنا لدينا بعض العادات أو السلوك السلبي الذي نتمنى لو كان بإمكاننا تغييره نحو الأفضل بالتجمع مع الأهل والأقارب، أو تحسين تصرف معين مع الأصدقاء والتسامح وصفاء النية بحسن الظن في تعاملنا مع الآخرين، ولكن بعض العادات يصعب الإقلاع عنها.

«العادات سلطان على النفوس وهيمنة على القلوب».

فالعادات تسيطر على الإنسان بشكل كبير فتصبح أحد طبائعه التي لا يستطيع تغييرها أو التخلص منها إلا بقوة الإرادة وفي الفرصة المناسبة، ولكن هل هناك أفضل مدرسة تربوية في تقويم السلوك مثل شهر رمضان، والذي يعد فرصة ثمينة للتغيير الحقيقي للسلوك وليس المؤقت الذي ينتهي بانتهاء هذا الشهر الفضيل.

التغيير الإيجابي في شهر رمضان يتم باستخدام المحفزات الداخلية والتي تكون مرتبطة بالجانب الروحي للإنسان بحجم قربه من الخالق، أما المحفزات الخارجية فتكون مرتبطة بتفاعل الإنسان مع المحيط الخارجي.

أولاً من أبرز المحفزات الداخلية هي استشعار السكينة والرحمة في شهر رمضان والذي اختصه الله لنفسه، يقول خير من وطئت قدماه الثرى، رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ؛ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ، وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ).

ثانياً التيقن من أن الله سبحانه وتعالى لم يفرض علينا الصوم حتى نشقى ونتضور جوعاً ونعطش، وإنما لزيادة الإيمان بالله بتجنب المعاصي والذنوب. فالصوم ليس صوماً عن الطعام والشراب والشهوات فحسب، وإنما هو صوم النفس عن مراقبة زلات الناس وعاداتهم السيئة، «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه».

ثالثاً يجعل المؤمن قلبه عامراً بالتقوى والإيمان والتي تمنعه من الأفعال المحرّمة وتجعله دائماً يتفكر في أفضل الطرق لنيل الثواب من خلال مساعدة الفقراء وزيارة المرضى في المستشفيات لإدخال الفرج والبهجة والسرور إلى قلوبهم.

أما المحفزات الخارجية فتكون أولاً من خلال الاستمرارية في أداء العبادات دون انقطاع والتي تشمل السحور والفطور وقيام الليل والصدقات ومواصلة الأرحام التي جعل الله أجرها عظيماً عنده. وثانياً يكون التحفيز من خلال السلوك الإيجابي الجماعي بالتواجد في المجالس الرمضانية التي تعزز التواصل وتبادل الآراء لمواجهة التحديات بتقديم أهم المقترحات التي لها دور فعال في حماية واستقرار المجتمع.

الكون برمته يتغير في رمضان، وعلى المسلم أن يستشعر كل المحفزات التي من شأنها أن تساعده على التغيير الإيجابي المستمر حتى بعد رمضان، فرمضان فرصة وغنيمة، لمن أراد الثبات والتغيير في حياته.

Email