ضيعة قطر !

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما أشبه السياسة القطرية بمسرحية «ضيعة تشرين» المعروفة، حتى ليخيل إليك أن بيان الأمير الوالد، يوم انقلب على أبيه عام 1995، مأخوذ بقضه وقضيضه من البيان الأول لسلسلة انقلابات مختار حلوم في المسرحية إياها!

ولا يقف الأمر عند البيان، فحتى عندما ضغطت دول الخليج وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية الشقيقة لحصول التغيير المعروف على رأس الهرم القطري عام 2013، جاء التغيير على طريقة حسني البورظان مختار ضيعة تشرين أي «تغيير طواقي» لا أكثر، فبقي الأمير الفعلي أميراً والداً، وترقى الأمير الابن ليقوم بدور العلاقات العامة وتوزيع الابتسامات أمام عدسات المصورين.

اليوم يتواجهون مع الحقيقة خارج المسرح، خاصة بعد أن تعمّد الأشقاء الكبار في الرياض أن يصفعوا من لا يحترمون لا تعهداتهم ولا تواقيعهم ولا مراسلاتهم الرسمية بجُملة النسخ الرسمية لاتفاقيات عامي 2013 و2014 التي تم نشرها علناً الأسبوع الماضي.

وبعيداً عن هرطقات الاعتراض على كشف اتفاقيات سرية، خاصة ممن كان ينكر حتى وجودها فضلاً عن الموافقة على الالتزام بها، فإن هذه الصفعة المتعمدة كانت لقطع الطريق على محاولات العبث والتذاكي تارة والاستغباء تارة أخرى، خصوصاً مع مقدم الوسيط الأميركي الذي يبدو أنه تعمد نسيان ذاكرته ولو قليلاً، فمال حيث لم يكن من المفترض أن يميل.

المطلوب من القطريين اليوم، وهذه نقطة ينبغي أن يفهمها من يحاولون الوساطة، هو أن يتخذوا موقفاً واضحاً لا لبس فيه، بعيداً عن المراوغة والخداع والتذاكي، إما مع بقية دول الخليج في وقفتها الحازمة ضد الإرهاب حيث كان أو «مع السلامة»، كما قال وزير خارجيتنا سمو الشيخ عبد الله بن زايد.

نحن من كل قلوبنا نفضّل ونتمنى أن يكون القرار القطري هو الخيار الأول، ولمن ينسى أذكره أنه في المرات القليلة التي لعبت فيها قطر دوراً إيجابياً في المنطقة كانت الإمارات والسعودية أول من ساندها.

وأبسط مثال على ذلك دور قطر في حل المشكل السياسي اللبناني عام 2008 الذي نتج عنه اتفاق الدوحة وانتخاب الرئيس ميشال سليمان، فقد ساندتها الإمارات والسعودية إلى حد الضغط على الجانب السوري آنذاك لمنع حلفائه من تخريب الاتفاق.

لكن ما العمل إذا كان حكام قطر يفضلون «مع السلامة» ويريدون أن يعودوا للجذور البعيدة لانتماءات عائلتهم فتصبح إيران والإخوان والإرهاب هم الحلفاء المفضلون لديهم؟

عندها، سنقول بكل مرارة «مع السلامة» لكن إذا قلناها فثقوا أنها ستكون القاضية، لأننا لن نسمح لأحد أياً كان أن يحوّل أمننا الوطني مسرحاً عبثياً لطموحاته الصغيرة.

أما الوسيط الأميركي الصديق فرسالتنا له واضحة ومن ضيعة تشرين أيضاً: «مَنّك شايفو، شـ**خ وبدو يقعد في النص»!!

 

Email