دورات رمضان حكاية كل عام

ت + ت - الحجم الطبيعي

كما جرت العادة، بدأت الدورات الرمضانية في كل مكان، بل وأصبح التنافس على أشده في تنظيمها، ولا يقتصر على الأندية وحدها، بل امتد للكثير من الهيئات والشركات وحتى الأفراد، باعتبارها أحد مظاهر الفرحة بالشهر الكريم، والجميل عدم اقتصارها على ألعاب محددة، حيث باتت تشتمل على الكثير من الألعاب، التقليدية وغير التقليدية، بل وترصد للفائزين فيها مكافآت مشجعة ومجزية، الأمر الذي جعلها ومنذ زمن بعيد مواقع خصبة لجذب ووجود كبار النجوم، الذين وجدوها فرصة لزيادة شعبيتهم ومصدر دخل لا بأس به لزيادة أرصدتهم "ربنا يزيدهم"، ولكن هذه الصورة البراقة للدورات الرمضانية يراها البعض بصورة مغايرة، وربما قاتمة في بعض الأحيان، ومعظم هؤلاء في فرق الأندية، الذين ينظرون إليها على أنها صداع مزمن يصيبهم كل عام.

فمنذ زمن بعيد، لاحظت الأندية تعرض لاعبيها للإصابة وأحياناً الشديدة بسبب مشاركتهم في هذه الدورات، ورغم تحذيراتها المتكررة بعدم المشاركة، ظلت تعاني من عدم الالتزام، وتكرار حدوث نفس المشاكل والإصابات، والدليل تلك الشكوى، وخاصة من المسؤولين في أندية المنطقة الشرقية، والذين وصفوا هذه الدورات بالصداع غير القادرين على التخلص منه.

ولأنني على يقين من أن الدورات لن تتوقف في شهر رمضان، بل والأرجح زيادة نشاطها وتضاعف حجمها، كما يظهر تاريخ حركتها، فلا بد من التعامل معها بالشكل الصحيح والنظامي الذي يحفظ للجميع حقوقهم، وإذا كان القلق الأكبر على لاعبي كرة القدم الذين أصبحوا بالملايين، ففي أيدي مانحي هذه الملايين المفتاح الذي باستطاعتهم التحكم به في حركة هؤلاء اللاعبين، وخاصة في زمن الاحتراف.

وبداية، يفترض في الدورات الرمضانية أنها نشاط ترويحي ينظم للأفراد العاديين، وليس للرياضيين التقليديين، فالرياضي لديه برنامجه اليومي المعتاد، سواء كان تدريب أو مباراة، وواجب عليه الالتزام بهذا البرنامج وعدم مخالفته حفاظاً على لياقته البدنية والجسدية وعدم التعرض للإصابة، وبالتالي، التأثير السلبي في فريقه، أما أن يكون حضوره كضيف شرف والاستفادة منه في الجذب الجماهيري فلا بأس بهذا، باعتباره عنصر دعم وترويج ويحقق المصلحة دون الإضرار بأحد، ولا أتصور أن ترفض الأندية قيام نجومها بهذا الدور، وأعود وأؤكد على ضرورة قصر الدورات على غير الرياضيين لتوطيد العلاقات بينهم، وخاصة في مجتمع الإمارات المليء بأبناء كل الجاليات والجنسيات، ويصبح من شأن هذه الدورات توطيد الصداقات بين أبناء مختلف الشعوب.

أذكر في سنوات ماضية كان اللاعبون يدعون أن الحرج من الشيوخ هو ما يدفعهم إلى المشاركة في الدورات الرمضانية، والتجارب أثبتت عكس ذلك، وأكدت أن المصلحة وحدها هي المحرك الحقيقي، خاصة وشيوخنا هم المسؤولون عن الأندية، ولا يمكن أن يلحقوا بفرقها الضرر، عموماً، لا مجال أمام نجوم كرة القدم الآن للمشاركة في دورة العام الحالي بسبب انشغالهم بفرقهم التي بدأت مرحلة التأهيل والاستعداد للموسم الجديد، ولن تمنحهم أي فرص للانشغال بهذه الدورات، كما أن العقود الموقعة معهم تمنعهم من تمثيل أي جهة أخرى غير فرقهم، وإلا عرضوا أنفسهم لعقوبات مالية قاسية، لن يغطيها أي عائد من الدورات الرمضانية.

 الدورات الرمضانية موضوع مهم يستحق تناوله من عدة زوايا، وإلى عودة أخرى إليه كل عام والجميع بألف خير، وإن شاء الله رمضان كريم عليكم.

Email