خسارة كبيرة للأردن

ت + ت - الحجم الطبيعي

على الرغم من الإنجازات الكبيرة التي حققتها الكرة الأردنية، والمستوى المتقدم الذي صلت إليه، والشخصية الجديدة التي أصبحت عليها تحت إشراف المدير الفني العراقي عدنان حمد، ومن قبله المدرب المصري الراحل محمود الجوهري، إلا أنه عندما تعرض المنتخب للخسارة القاسية من منتخب أستراليا في التصفيات المؤهلة لمونديال البرازيل 2014، قامت الدنيا ولم تقعد، وطالب الكثيرون بضرورة محاسبة المقصرين وفي مقدمتهم المدرب، وشذ آخرون وطالبوا بضرورة التطهير والاستغناء عنه.

وكأن فوز الأردن كان النهاية الطبيعية الوحيدة للمباراة، وفوز أستراليا وتأهلها المباشر ضرب من الخيال، ونسي الجميع أن المنتخب لاتزال أمامه فرصة للتأهل إذا نجح في تجاوز عقبة المنتخب العماني وأحكم قبضته على النصف مقعد ليخوض الملحق، ما يجعله في أمس الحاجة للدعم والمساندة.

وكان من الطبيعي في ظل هذا التصعيد بروز السؤال عن مصير المدير الفني، وجاءت الإجابة غير مدروسة تحتمل الأمرين، إما البقاء في حال الفوز على عمان وإما الرحيل في حال الخسارة، وهي الإجابة التي أشعرت عدنان بالحرج الشديد، وعدم التقدير لكل ما حققه للكرة الأردنية، فاتخذ مع نفسه القرار الأنسب والأصح وهو الرحيل قبل أن يجبر عليه إذا جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن.

ولكن بذكاء وشجاعة تنم عن ثقة عالية أرجأ إعلان القرار لحين خوض المباراة الحاسمة، لذلك ما إن حقق فريقه الفوز على عمان، حتى كان إعلانه عدم البقاء والرغبة في الرحيل، ومن الطبيعي لمدرب بقدر وقدرات عدنان تسبقه سيرة عطرة من الإنجازات، أن يجد عشرات الاتحادات والأندية التي تتمنى التعاقد معه وتوليه فريقها.

وبصرف النظر عن حقيقة ما أعلن بشأن رغبة الاتحاد القطري في التعاقد معه مقابل 15 مليون دولار سنوياً، ومنحه صلاحيات واسعة لممارسة مهمته والاستعانة بمن يشاء لمعاونته، فقناعتي الخاصة أنه حتى لو تلقى عدنان عروضاً أقل قيمة لوافق حفاظاً على كرامته وقدره كمدرب متمكن صاحب شخصية فنية وقدرات تدريبية ونجاحات ملموسة، كرد على ما شعر بأنه إهانة لتاريخه مع الكرة الأردنية ومن قبلها العراقية.

وأن الإجابة على مصيره مع المنتخب الأردني لم يكن بالفصاحة التي تجبره على أن يكون أكرم في حال وجه إليه نفس السؤال، حتى وإن كان في حل من ذلك كمدرب محترف من حقه البحث عما يحقق مصلحته، لكن هكذا تدار الأمور وخاصة في مجتمعنا العربي، حيث تلعب العاطفة دوراً بارزاً يتجاوز حدود المصالح المالية، لكنها في نفس الوقت تنقلب إلى العكس في حال الشعور بالإهانة ولا تفيد معها كل المناشدات كما هو الحال حالياً في عمان.

تقديري الخاص أن الكرة الأردنية سوف تخسر الكثير مع رحيل عدنان حمد، وسيكون استمرار بريقها مرهوناً بالتعاقد مع عدنان آخر، وهذا أمر صعب، وفي المقابل من المؤكد أن من سيحظى بعدنان سيكون «كسبان»، وخاصة إذا منحه الصلاحيات الكافية وليست الكاملة، فكل إنسان مهما كانت قدراته وكفاءته لابد وأن يشعر بوجود من يراقبه ويحاسبه .

ويعيده إلى طريق الصواب إذا حاد عنه، لكن في الوقت نفسه لن يستطيع عدنان النجاح من دون تكامل باقي العناصر الأخرى، وفي مقدمتها أن يجد العناصر المناسبة من اللاعبين القادرين على تنفيذ فكره ومساعدته مثلما وجد في الأردن ومن قبله العراق.

Email