فرصتنا للبناء الصحيح

ت + ت - الحجم الطبيعي

على الرغم من أن الظروف لم تساعدني على حضور ندوات الملتقى الدولي الثاني لأكاديميات كرة القدم الذي نظمه مجلس دبي الرياضي، بسبب كثرة الأحداث الرياضية الكبيرة في هذه الفترة، إلا أنني كنت حريصاً على متابعة كل ما صدر عن الملتقى وكتب عنه ليقيني بأهمية موضوعاته كونها تتناول واحداً من أهم المسالك التي أخذت الكثير من الأندية في سلكها مؤخراً، يقيناً منها بأن الأكاديميات باختلاف أنواعها هي السبيل الحقيقي للارتقاء بمستوى الرياضة وليس كرة القدم وحدها، وكانت سعادتي كبيرة بما انتهى إليه الملتقى من توصيات معظمها صب في خانة ومصلحة المراحل العمرية الصغيرة، باعتبارها الأساس الذي يمكن أن تبنى عليه الآمال لأي مستقبل.

فقد أكد الملتقى أهمية الاستثمار في الناشئين، وبالطبع لم يقصد هنا مرحلة سنية بعينها، لكن المؤكد أنه قصد مرحلة البناء كلها منذ المراحل الأولى مع الأشبال، وعندما يأتي الحديث من خبراء متخصصين يبقى له معناه وأهميته، كونه مبنياً على تجارب عملية تنفيذاً لدراسات طويلة انتهت إلى نتائج حدث الاهتمام والتركيز في تنفيذها، وهذا أمر ليس بجديد علينا، فالعالم المتطور رياضياً توصل منذ سنوات عديدة مضت إلى أن البناء الحقيقي لأي رياضي لابد وأن يبدأ من اليوم الذي يبدي فيه حبه للتريض، والكثير من هذه الدول ليست مشغولة حالياً بما نريد أن نصنعه نحن الآن وإنما في البحث عما يمكن أن يحقق لها ما هو أفضل، بعد ان أصبح الاهتمام بالمراحل الأولى من الأمور الاعتيادية المتبعة في جميع هيئاتها الرياضية، ولو لم يشعر المتواجدون في الملتقى بوجود عجز حقيقي لدينا في هذا الجانب ما خرجوا بهذه التوصيات وبحثوا عن غيرها.

كل من يأتي إلى الإمارات ينبهر بما فيها من تطور يضعها في مقدمة الدول المتطورة في العالم، ومن يتعرف على الإمكانيات التي تسخرها الدولة للرياضة في عمومها يندهش لعدم بلوغ رياضتنا إلى القمة في العديد من الألعاب وغير قادرة على المنافسة الدولية فيها، ولكن عندما يغوصون في التفاصيل الخاصة بها يعلمون الحقيقة.

نعم نحن في حاجة ماسة إلى تخصيص الجانب الأكبر من أموالنا الرياضية في الناشئين، لأننا بحاجة إلى البناء السليم للاعب فنيا وبدنيا منذ الصغر، ونترك الموهبة تفصل بين الرياضي والآخر وتضع أصحابها في القمة.

قبل ايام جمعني الحديث مع الدكتور أحمد سعد الشريف، أمين عام مجلس دبي الرياضي، ومحمد الكمالي أمين عام اللجنة الأولمبية، وتطرق إلى المراحل العمرية الصغيرة وأسلوب بناء الرياضيين، سواء في الأندية أو في المدارس، واتفقنا على النقص الشديد الذي نعانيه في هذا الجانب وضرورة إحداث التغيير الجذري فيه، وكنت أنتظر الفرصة المناسبة للكتابة في هذا الموضوع، وأحمد الله أن ملتقى الأكاديميات خرج بالتوصيات التي أراها أفضل مدخل للحديث عن مستقبل الصغار.

نحن في حاجة إلى سياسة ونهج مختلف مع المراحل السنية مع كل التقدير للجهود التي تقوم بها بعض الأندية حالياً، السويدي ستيفن اريكسون، المستشار الفني الذي كان مع النصر حتى يوم أمس واستقال من أجل العودة لعالم التدريب مرة أخرى في الصين، شارك في الملتقى وتحدث عن هذا الجانب، ومن بين ما قال، أنا واثق من أن التطور الحادث في الدولة سوف ينعكس على الرياضة، وأنا أؤيده القول، ولكن السؤال متى؟ لابد وأن نضاعف جهودنا واهتمامنا حتى لا تتأخر هذه الخطوة كثيراً، ولتكن الأكاديميات فرصتنا للبناء الصحيح.

Email