توجهات «المركزي»

ت + ت - الحجم الطبيعي

نظرياً، تقول كتب وقواعد الاقتصاد إن هناك علاقة عكسية بين رفع أسعار الفائدة واتجاهات أسواق الأسهم، أي أنه كلما جرى رفع الأولى هبطت الثانية والعكس.

ولكن ما حدث على أرض الواقع عقب قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي برفع سعر الفائدة على الدولار 25 نقطة أساس إلى النطاق ما بين 0.75 % إلى 1 %، وما تلاه من قرار مصرف الإمارات المركزي الخميس الماضي برفع سعر الفائدة على الدرهم المربوط بالعملة الأميركية خالف هذه القواعد، إذ انتعشت أسواق الأسهم المحلية بعد عدة جلسات من التراجع، وهو أمر يحمل دلالات عدة، أبرزها أن هناك حالة من التفاؤل بشأن الأداء الاقتصادي العام، كما يؤشر إلى أن الاقتصاد الوطني لديه من المرونة ما مكنه من استيعاب هذا القرار الذي كان متوقعاً منذ فترة.

والمؤكد أن هذا القرار سيزيد كلفة الاقتراض، بعدما شهدت أسعار الفائدة للآجال الطويلة والمتوسطة المعروضة بين البنوك (إيبور) ارتفاعاً ملحوظاً فور الإعلان عن القرار.

ومن المعروف أن تأثير التغير في سعر الفائدة على الأداء الاقتصادي لا يظهر على الفور، بل يحتاج إلى نحو عام، ولكن في ما يبدو فإن مجتمع الأعمال أصبح جاهزاً -أكثر من أي وقت مضى- لتقبل الزيادة في أسعار الفائدة من دون أن يؤثر ذلك على التوجهات التوسعية للشركات ورجال ورواد الأعمال، خصوصاً وأن المؤشرات الاقتصادية ترصد تحسناً في بيئة الأعمال، إذ أظهرت أحدث بيانات القطاع الخاص زيادات قياسية في الإنتاج والأعمال الجديدة، ووصولها إلى أعلى مستوى في 24 شهراً، بحسب تقارير صادرة عن مؤسسات مرموقة مطلع الشهر الجاري.

ويبدو أن صانع السياسة النقدية ارتأى أن رفع أسعار الفائدة، في ظل معدلات التضخم الحالية، ربما يكون أفضل للاقتصاد الوطني، خـــصوصاً أن القاعدة الاقتصادية تؤكد أن إتاحة الأموال الرخيصة لفترة طويلة قد تؤدي إلى فقاعة كلما تضخمت كان انهيارها أشد إيلاماً.

والسؤال الذي يشغل بال مجتمع الأعمال حالياً: هل سيواصل مصرف الإمارات المركزي سياسة الرفع التدريجي لأسعار الفائدة، أسوة بمجلس الاحتياطي الأميركي الذي أعلن أنه ربما يزيد الفائدة مرتين العام الجاري؟ وإذا كانت الإجابة نعم في ظل الربط الاستراتيجي بين الدرهم والدولار، أليس من الأفضل أن يبادر «المركزي» بالإعلان عن هذا التوجه حتى يساعد الأوساط الاقتصادية في اتخاذ القرارات المناسبة مبكراً؟

Email