يدخل بعض الأشخاص حياتنا ويخرجون منها سريعاً، بينما يبقى آخرون تاركين انطباعات جميلة في قلوبنا وأرواحنا فتتغير إلى الأبد، أحياناً بعض العلاقات لا تستمر ولا تصمد، فهناك زيجات تبقى فترة طويلة، بل إن هناك أسراً تفككت وأطفالاً ضاعت حياتهم والسبب تصدع العلاقات وعدم استمرارها، فأين ذهبت تلك السعادة وذلك الحب الذي كان يزين العلاقات في بدايتها ؟
من المفيد أن ننظر لحياتنا، فهي لا تبقى على وتيرة واحدة بل تكون في تصاعد ونزول مستمرين، فنكون في حالة من السعادة والحياة تكون مثمرة معطاءة وأحياناً في حالة هبوط، وتبدأ في الخروج عن نصابها، وقد تفلت من أيدينا فتصبح متقطعة وتفتقر للتواصل والنصح وربما تتزايد معها الضغوط والقلق، وتصبح الحياة في ظل تلك العلاقات في صراع مستمر، وقد تتأثر بشكل سلبي، على سبيل المثال الزواج يعتبر من أهم العلاقات الاجتماعية التي يعتريها الكثير من المشكلات، فقد يصبح الرجل أنانياً ويتوقف عن تقديم المساعدة لزوجته في أعمال المنزل، وقد يكون ذلك بسبب انشغاله بالعمل ورجوعه متأخراً، وقد تتأثر الأسرة بانعدام التواصل مع الوقت وانقطاع الحوار إلا في فترات معينة، قد تكون مرتبطة بالموارد المالية والمصاريف، مما يؤثر على الزوجة التي تتحمل جميع مسؤوليات المنزل والأطفال، وبصورة تدريجية تزداد حدة التوتر بين الزوجين فيلقي كل منهما اللوم على الآخر ويحمله تبعات الأمور، وأحياناً قد تنقطع كل أواصر المودة ومقومات البقاء بسبب تلك الأمور التي تؤدي إلى النزول وليس للصعود، لذلك فإن رحلة الفشل أو الهبوط تكون قد بلغت النهاية، وفي الأغلب قد ينفصل الزوجان وينتهي الأمر بالطلاق أو انقطاع هذه العلاقة، لا سيما هناك الكثير من الأسباب التي أدت إلى انهيارها، وعدم السعي نحو حل المشكلات، والوقوف أمامها والبحث عن الحلول، بل البعض تعود على التكرار والسقوط المستمر وعدم إجراء أي تعديلات إيجابية، بل لو كنت تركز على علاقاتك التي قمت بإرساء دعائمها وتوطيدها وتوسيع مداها وإثرائها حتى تطورت وآتت ثمارها في النهاية سوف تحظى بالكثير من المميزات التي تضمن لك مستقبلاً جيداً.
إن الاستثمار في العلاقات الفعالة يضمن تحقيق نتائج قوية، العلاقة الجيدة تكون لها نقطة بداية تتطور ويسعى كل طرف إلى تقوية أواصرها، جاعلة منها علاقة تتميز بالتفرد والخصوصية والتميز وتجنب الأخطاء التي تفسح المجال للفشل والانهيار، أسوق لكم مثالاً عن رجل الأعمال الأمريكي وارن بافت، وهو أحد الأشخاص البارزين في مجال الأعمال والمال، لقد نمت شركته من مجرد شركة صغيرة تتعامل مع قليل من العملاء وتمتلك أموالاً وممتلكات متواضعة لتصبح اليوم منشأة تجارية ضخمة تصل تعاملاتها إلى مليارات الدولارات، إن هذا الرجل يقضي وقتاً طويلاً في مقابلة الأشخاص الذين يتعامل معهم للوصول إلى معرفة الطريقة التي يديرون بها العمل، ويلاحظ فلسفتهم في الإدارة والطريقة التي يتعاملون بها مع المرؤوسين والموردين والعملاء، وعندما يكتمل له ذلك فإنه يسألهم 3 أسئلة (هل أنا أحبهم؟ هل أنا أثق بهم؟ هل أنا أكن لهم الاحترام؟ فإذا كانت الإجابة بالنفي، فإنه ينهي تعاقده لأنه كان يرى أن هذه الأسئلة البسيطة والفعالة هي الأساس الذي تقوم عليه علاقاته مع الآخرين، ارجع إلى تلك الأسئلة الثلاثة ربما تساعدك في فهم العلاقات مع الآخرين، وامنح نفسك وقتاً للتفكير قبل أن تفكر في الدخول، سواء في علاقة زواج أو عمل أو حتى صداقة وغيرها، إن هناك الكثير من الأشخاص الناجحين الذين تستطيع أن تستمتع بقضاء وقتك معهم، وبالأخص إن اختيار الأشخاص المناسبين مسألة مهمة للغاية قد تؤثر على صحتك وحياتك في المستقبل، لذلك اختر بدقة وعناية فإن الاستثمار في العلاقات الاجتماعية له تأثير إيجابي ومفيد لك على جميع الصعد.