طبعة تايوانية جديدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

فوزه يصنع مخاطر جديدة في ملامح الجغرافيا السياسية في العالم خلال العام 2024، تاريخ ميلاده تزامن مع مشهد عالمي جديد، وبعد 64 عاماً جاء تاريخ توليه رئيساً يتزامن مع متغيرات كبرى تزداد خطراً.

لاي تشينج تي- الطبيب القادم من أسرة فقيرة تعمل في مجال التعدين، فاز يوم الثالث عشر من يناير الجاري في انتخابات الرئاسة التايوانية - بعد سباق مع اثنين من المرشحين هما: هو هو يو - إيه (66 عاماً) من حزب «الكومينتانغ». ضابط شرطة سابق وعمدة تايبيه الحالي، يدعو إلى توثيق العلاقات مع البر الصيني.

والثاني هو كو وين - جي (64 عاماً) عن «حزب شعب تايوان». عمدة تايبيه السابق، وكان يقول إنه سيتبع السياسات الخارجية للرئيسة تساي، ويدعو أيضاً إلى إجراء محادثات مع بكين.

فوز لاي تشينج تي في الانتخابات الرئاسية، جاء بمثابة حجر جديد في المياه الجيوسياسية، التي باتت تحمل الكثير من القلاقل، لاسيما أن حزبه التقدمي الديمقراطي المؤيد لاستقلال تايوان بولاية ثالثة، وذلك بأكثر من 40 % من الأصوات.

تداعيات فوز لاي شهدت ردود أفعال من الشد والجذب، بين الصين من جانب، وبين دول عديدة بادرت بتقديم التهنئة إلى الرئيس التايواني الجديد من جانب آخر، الصين تؤكد دائماً على أن تايوان جزء منها، والتاريخ يحكي لنا قصة هذه الجزيرة التي تقع على مسافة 161 كم من ساحل جنوب شرق الصين، ففي أعقاب الحرب الأهلية في الصين، وانتصار ماو تسي تونج، هربت سلطات الصين التي كانت تحكم قبل هذه الحرب إلى تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي منذ انسحاب حكومة الحزب القومي «الكومينتانغ» الذي خسر أمام الحزب الشيوعي الصيني عام 1949، ويرى الكثيرون من التايوانيين أن مصالحهم الحالية لا تتفق مع توجهات الحكومة الصينية الحالية، لكن الحزب الشيوعي الصيني يعتبر عودة تايوان إلى الوطن الأم قضية أمن قومي، وكثيراً ما شدد الرئيس شي جين بينج على ضرورة توحيد الصين مع تايوان.

أخيراً، ووسط تجاذبات كبرى بدت تطفو فوق السطح، بعد استمرار الحزب التقدمي الديمقراطي المؤيد لاستقلال تايوان في ولاية ثالثة، نحن أمام استمرار لسياسة رئيسة تايوان السابقة، من دون حدوث تغيير في نهج وفلسفة واستراتيجية الحزب الحاكم في تايوان، فضلاً عن أن تصريحات وتوجهات الرئيس التايواني الجديد يمكن أن تقود إلى تعقيد العلاقة مع الحكومة الصينية، وزيادة مساحة تدخلات واشنطن في توسيع الفجوة بين بكين وتايبيه، فضلاً عن أن الإدارة الأمريكية يمكن أن تستغل رغبة شباب تايوان في توثيق علاقاتهم مع الغرب وأمريكا، في عرقلة قطار الوحدة، ومن ثم، فإننا أمام مشهد جيوسياسي جديد يطرق خرائط العالم، في ظل صراع إرادات ونفوذ ليس فقط على المستوى الإقليمي على المستوى الدولي أيضاً، وبالتالي، فإن من يدقق في تفاصيل الحالة التايوانية، يتأكد له أن الطبعة التايوانية الجديدة ستكون حاضرة بقوة في إعادة ترتيب رقعة الشطرنج العالمية.

Email