الأسرة وجيل المستقبل

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يتوقف كل دارس في علم الاجتماع والعلوم التربوية والأسرية، عن الحديث عن الدور الحيوي والمفصلي والمهم للأسرة في أي سياج وكيان اجتماعي، حيث يقال بأنه كلما كانت الأسرة قوية كان المجتمع قوياً، وأن أولى المعوقات والتخلخلات التي تقع في المجتمع يمكن رصدها أولاً داخل الأسر، فكلما وهن دور الأبوين وضعفت رسالتهما التوجيهية والتعليمية لأبنائهما تم انتشار سلوكيات مؤذية في المجتمع، هذا الربط القوي بين المكون الأسري وقيامه بواجبه وبين أي تفكك وانحلال لم يحدث من فراغ أو كما يقال جاءت نتيجة لتوقعات وتخرسات إطلاقاً، إنما هي تعود لدراسات علمية وأيضاً ملاحظات جوهرية على أرض الواقع.

وفي هذا الزمن تواجه الأسرة ضغطاً كبيراً وتحديات غير مسبوقة، حيث بدأت جهات أخرى تدخل معها على الخط وتحاربها بل وتسلبها كثيراً من وظائفها، ولعل من أبرز وأهم هذه الوسائل وأكثرها أثر الهواتف الذكية، لما تحتويه من تطبيقات متنوعة وكثيرة تجعل العالم بين يدي الابن أو الابنة دون رقيب أو توجيه من الأبوين، فبضغطة زر يحصل الابن أو الابنة على مقاطع من الأفلام وصور متنوعة ومتعددة تؤثر في أفكارهم وأولوياتهم الحياتية، وهذا التأثير يحدث في سن خطيرة بكل ما تعني الكلمة وهي سن تحديد الأهداف المستقبلية، والذي يحدث أن يصبح الابن أو الابنة في تشوش تام وغير مرتب، بل إن الأولويات نفسها تختلف، ويبدأ للميل نحو الترفيه والتسلية على حساب واجباتهم المدرسية والاجتماعية، وأيضاً العائلية. عمق المشكلة يكمن في أن هذا المراهق بدأ يأخذ القيم والمبادئ من مصدر غريب وبعيد تماماً عن المراقبة والعادات والتقاليد، وهذا يجعل تصحيح المفاهيم ومحاولة إعادة الابن نحو الطريق الصحيح صعبة، أو مهمة ضبابية يكتنفها الكثير من الغموض.

والأسرة هي الصمام الأول بل هي اللبنة الأولى من لبنات أي مجتمع، فكلما كانت هذه اللبنات قوية ومتماسكة كان المجتمع نفسه قوياً، لذا نحن أمام تحدٍ حيوي ومهم ومصيري، يجب أن نركز على دعم الأسر، وتنمية معارف الأبوين، وعلى كافة مؤسسات المجتمع أن تتكاتف وتعمل على وضع خطط وبرامج تصبُّ في مجملها في دعم دور الأسرة وتقوية حضور ومكانة الأبوين بواسطة المنهاج الدراسية على سبيل المثال لا الحصر.. الأسرة هي المنفذ والباب الذي يخرج منه جيل المستقبل نساء ورجال الغد.

Email