لدينا الكثير من الموهوبين والمبدعين، نسمع عنهم وربما نعرف البعض منهم، وقد يكونون قريبين منا، والبعض يتمنى لو كان لديه موهبة أو مهارة معينة حتى يطورها، ولكن اكتشفت الدراسات العلمية في الوقت الحاضر أنه ليس بالضرورة أن تمتلك الموهبة حتى تصبح موهوباً، ولكن يمكنك بالعلم والمعرفة والتحدي أن تنمي القدرة على الابتكار والتميز، وبالتالي يمكنك أن تكون موهوباً، ولكن بشرط أن تقرأ وتعمل وتجتهد وتنمي قدراتك وتحاول تطوير أفكارك وتجاوز ظروف حياتك.

يمكن القول إن إرادتنا هي سر تفوقنا، الكثيرون منا لديهم المواهب والمهارات ولكن لم يتم اكتشافها، أسوق لكم قصة الكاتب تشارلز ديكنز.. حيث كان ينام في طفولته في غرفة كئيبة مع أطفال الشوارع، وكان الجوع ينخر جسده، ولكنه كان يعشق كتابة القصص، لذلك كان يتسلل ليلاً لإرسال قصصه إلى دور النشر خوفاً من أن يتم رفضها، ورغم ذلك تعرض للرفض، وتم نشر البعض منها دون مقابل، حتى تبناه أحد المحررين واستطاع أن يغير حياته، ورغم أن الكاتب تشارلز ديكنز لم يكمل تعليمه، ولكن لم يسمح للظروف القاسية أن تجعله يموت وهو حياً، كما يحدث مع الكثيرين ممن يستسلمون للحياة وصعوباتها، فكان لديه خياران: إما أن ينتصر ويتجاوز محنته وفقره وجوعه وحياة الشوارع أو أن يحتضر ويستسلم ويظل تائهاً في حياة لا خلاص منها سوى التشرد والبؤس ثم الموت.. لذلك نرى اليوم مؤلفات تشارلز ديكنز توالت واستطاعت أن تغير حياة الكثير من أطفال الشوارع في العالم، لقد نتج عن هذا الشغف عشرات الروايات ومئات الكتب والمقالات والقصص القصيرة وغيرها من الأعمال، نذكر منها رواية أوليفر تويست التي تحولت إلى عمل سينمائي اشتهر ونال استحسان القراء والنقاد في أنحاء العالم، إن أعظم الانتصارات تلك التي تأتي بعد الصدمات والهزات والمصاعب التي نتعرض لها.. بإمكانك الفوز والانتصار إذا رفعت من إرادتك، ولكن لا تسمح لنفسك بالانكسار، بل كما قال الدكتور أحمد خيري العمري: «لا تقتل نفسك وإياك أن تموت حياً».

لكل منا موهبة يمكنه أن يعتني بها وينميها، الكثيرون نجحوا بأنفسهم دون مال ولا موهبة ولكن أصبحوا مشاهير وعظماء ورجال أعمال، إن الرغبة بالنجاح تتطلب منا الجهد والعزيمة وليس الاتكالية والنوم والكسل والاعتماد على الآخرين. يقول الشاعر نوفاليس: «يستطيع جميع الناس أن يكونوا نوابغ لو لم يكونوا كسالى»، لذلك كلنا بحاجة إلى تنظيم حياتنا وأولوياتنا في الحياة حتى يمكننا النجاح والاستفادة من مواهبنا واستغلالها بالصورة الصحيحة، نحتاج إلى الحماس والتشجيع.
أسوق لكم موقفاً حدث للشاعرة الأمريكية كلاريسا بنكولا تقول فيه إن الرسالة التي تلقتها من صديقتها أثناء مراهقتها والتي جاء فيها: «إن حرفك ساحر لا يشبهه شيء سوى الورود» قد غيرت حياتها، فتلك الكلمات القصيرة رغم بساطتها أشعلت مواهبها وساهمت في حماستها، ألهمتها كثيرا في الكتابة وساعدتها على تطوير مهارتها، لذلك حاول أن تستثمر في نفسك مثلما قال شكسبير: «لقد خلقت لنفسك أولاً وليس للعابرين».