نعمة تيقظ الفكر

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل يستطيع عقل الإنسان أن يحصي عدد النعم التي حوله أثناء حدوث أي موقف في أقل من دقيقة؟ 
خالجتني رغبة في عد النعم التي حولي لحظة ارتفاع مصعد كنت فيه، قبل تلك اللحظة كنت اكتسي ثوب الألم على حال أمي المنومة في المستشفى، كان قلبي يأسف على حال عقلي الذي توارى خلف ستارته، ستارة الإحساس بالقلق والحزن.
في تلك اللحظة وقعت عيني على منظر رجل يمسك بيدي طفل لم يتجاوز عمره الـ 3 سنوات تقريباً، بيد الطفل الأخرى إبرة مثبتة في جلده، وجود الإبرة وملابس النوم التي كان يرتديها توحي بأنه يتلقى علاجاً مطولاً في المستشفى، رغم الخوف الذي كان في عيني الرجل لكنه رسم ابتسامة بثت الأمان في نفس الطفل، قلت في نفسي: مما يعاني هذا الطفل؟
حمدت الله في تلك اللحظة على حالة أمي وعلى وجود العلاج وعلى أني معها وعلى دعم حكومتنا وعلى صحتي الجيدة وعلى رؤيتي للمنظر الذي رق قلبي له، هذه النعمة التي أعادت أداء عقلي ليتفكر.  
كان عقلي في حالة سبات ولا يركز على الجوانب الإيجابية التي أنعم الله بها علينا وذلك بسبب انغماسه في الحزن والتوتر الذي كان يمنعني من الكتابة وإنهاء بعض الأمور العالقة.
بالفعل، إن تيقظ الأفكار والوعي نحو السلوك الذي يتوجب علينا اتباعه في سبيل المحافظة على سلامتنا العقلية والنفسية والجسدية عملية غير صعبة ولكنها تحتاج إلى التركيز على اللحظة التي نعيشها، تحتاج إلى فصل الأحداث المؤلمة والماضية عن لحظاتنا الحالية، نحتاج إلى التقليل من القلق نحو المستقبل. 
توظيف اليقظة الذهنية في التعامل مع الأحداث التي تدور حولنا يساهم في تنقية الأفكار الملوثة بالأوهام والقلق، تلك الأفكار التي قد تصدر لنا مختلف السلوكيات السلبية مثل: الشجار مع الأشخاص بسبب العصبية والتوتر أو قلة الإنتاج بسبب الإجهاد العقلي والنفسي والجسدي.
يقظة التفكير تمد العقل بقدرة التركيز على نقاط القوة لدينا وذلك ما يجعلنا نعمل على الاستفادة من تلك النقاط في تحسين نمط حياتنا للأفضل من خلال التخطيط للمستقبل والقدرة على حل المشكلات والتعايش مع الأحداث الراهنة، وتساهم أيضاً في اتباعنا لسلوكيات إيجابية في الحياة مثل: الإنتاج الفكري والمهني، التعاون، الثقافة.
كل الأحداث التي نمر بها هي خير، سواء أكانت سعيدة أم حزينة أكد ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجباً لأمر المؤمن، إنَّ أمره كلَّهُ له خيرٌ، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابتهُ سراء شكر وكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له».
إن أبسط ما ينفع به الإنسان نفسه في أي لحظة يدرك فيها النعم التي تدور حوله هو الحمد والشكر لله على وافر عطائه.

Email