البعض يستنكف الحصول على المساعدة أو تعلم الخبرات والاستفادة ممن سبقه، بل البعض يدعي بأنه شخص خارق وبطل مغوار يستطيع الاعتماد على نفسه وعدم الحاجة للآخرين. ومثل هذه الرؤية فيها الكثير من الخطأ والتجاهل واللامبالاة وعدم الاستفادة من تجارب الآخرين في مسألة التعلم واختيار التجارب، البعض يرفض الاستماع لوالديه ومن هم أكبر سناً منه ونصائحهم حول مستقبله رغم أنهم أكثر خبرة منهما ولكن البعض يكتشف ذلك بعد فوات الأوان، نحن نضيع علينا الكثير من الدروس عندما لا نستمع لنصائح من هم أكبر سنا سواء في المنزل والعمل والحياة وغيرها، تلفّت حولك وقِس ذلك على جميع المواقف الحياتية المماثلة التي نسمع خلالها بفتيات وشباب يرفضون نصح وتوجيه من هو أكبر منهم سنا وعلما، وأعتقد أن هذا خطأ جسيم، ومعالجته تحتاج لتنمية ثقافة طرح الأسئلة منذ نعومة أظفارهم بطرح الأسئلة والبحث عن الأجوبة، فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها أخذ بها، يجب غرس قيم البحث والأسئلة والاصغاء والتفكير العقلاني والاستشارة في نفوس أطفالنا،ما خاب من استشار، لذا لابد أن ننشر ثقافة الاستماع لتجارب الآخرين وبالأخص كبار المواطنين، إن لديهم دروساً حياتية كبيرة ومتنوعة يمكن الاستفادة منها والحصول عليها بسهولة، يمكنك تعلم الصبر، تجاوز الأزمات، البحث عن الحلول، الايجابية، الحكمة، إن كبار المواطنين نعمة لن يدركها إلا من أدركها وعرف قيمتها، البعض يشعر بأنه بطل خارق، قوي، يعتمد على نفسه في الأزمات فيرفض مساعدة الآخرين، يتقوقع على نفسه ويحاصرها نفسيا وجسديا ومعنويا، يبتعد عن الآخرين، والبعض قد يصيبه الغرور ويظن نفسه قادرا على حل أموره ومشاكله بنفسه، ولكن أتوقع إن مشاركة الآخرين ضرورة ملحة، يمكن أن تساعدنا على إيجاد الحلول لبعض المشكلات المتعلقة بالعمل والحياة اليومية والأسرية وغيرها، أتذكر أن لسقراط مقولة: "إن أكبر ما تعلمته من المدرسين يكفيني ولن أنساه أما ما سأتعلمه من الحياة ورجال المدينة فهو ما سيجعلني رجلا صالحا حقا".
نحتاج لنشر قيم مدرسة الحياة وكيفية فهمها، وإن طلب المُساعدة ليس خطأ، بل الخطأ عندما تتفاقم المشكلة ولا تستطيع حلها وحدك، يقول الكاتب إدموند مبيكا: "جميعنا تمّت مُساعدتنا في مرحلة من حياتنا، فلا تدع الأنا تعترض طريقك في طلب المساعدة عندما تكون في أمسّ الحاجة إليها".
جميعنا نحتاج إلى الآخرين بطريقة معينة، ولكن البعض منا في منتصف حياته يقع في أسطورة البطل الخارق القائلة إن الأشخاص الناجحين هم أولئك الذين يساعدون وليسوا بحاجة إلى أي مساعدة بل البعض يشعرون بأن تلك المساعدة فقط للأشخاص المنكسرين والمهزومين ولكننا نحتاج جميعا إلى المساعدة بطريقة ما، فلنبدأ أولاً بأنفسنا في التطلع والرغبة في مساعدة أنفسنا و الآخرين.