السرد الاستراتيجي للمؤسس .. «صناعة القادة»

ت + ت - الحجم الطبيعي

على الصعيد العالمي، يعد الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، قدوة حقيقية في فن القيادة الحكيمة والرؤية الواضحة. فبفضل حكمته الفذة، نجد تعهده الثابت بتوطيد القيم الأخلاقية والسلوكيات القيادية بين أبناء شعبه، ليحمل كل منهم مشعل التميز في مجالاتهم المختلفة. فإنجازات الوالد المؤسس لها تأثير هائل على تطوير القادة وإلهامهم للابتكار والتفوق، وتعتبر نموذجاً ملهماً لصناعة القادة، وممارسة متميزة تنافس مثيلاتها عالمياً، يمكن الاستفادة منها في جميع المجالات.

ولعل أهم ما يجب أن يعكسه صانع القادة، هو القدوة الحسنة، وبهذا الشأن تعددت الشهادات في حق الشيخ زايد. فقد قال عنه الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود، رحمه الله: «إن إرثه سيظل محفوراً في قلوبنا، وقد كان مثالاً للقيادة الحكيمة والسخية».

ووصفه الراحل نيلسون مانديلا بالقول: «كان يعتني بشعبه ويعمل جاهداً لتحقيق التقدم والتنمية في الإمارات. لقد تأثرت بشدة بروحه النبيلة وتفانيه في خدمة الآخرين، وأعتبره قدوة حسنة للزعماء في جميع أنحاء العالم».
وأكد على هذا بان كي مون، الأمين العام السابق للأمم المتحدة بالقول: «كان الشيخ زايد شخصية فذة ورائدة في مجال القيادة. كان يعتبر من أبرز الشخصيات التي عملت بجدية على تعزيز التعاون الدولي وتحقيق التنمية المستدامة».
وأما باراك أوباما، الرئيس الأمريكي الأسبق فقال: «كان الشيخ زايد شخصية محترمة وقائداً عظيماً. كان يمتلك رؤية استثنائية وقدرة على الابتكار والتحول».

اهتمامات
أول اهتمامات الشيخ زايد كانت بالتعليم في بناء جيل من القادة المؤهلين والمتفوقين. فقد آمن: «أن الدولة توفر الإمكانيات اللازمة لقطاع التعليم لأنها في أمس الحاجة إلى أبنائها المتعلمين، لكي يسهموا في تطورها وبناء نهضتها». ومن أجل ذلك قام بتأسيس مؤسسات تعليمية متقدمة ودعم البرامج التعليمية لتطوير القدرات والمهارات لدى قادة المستقبل.

واعتمد توفير البيئة الصالحة لصناعة القادة، فجعل من أولوياته العدالة الاجتماعية، لتحقيق الفرص المناسبة وضمان تلبية احتياجات القادة في مختلف المجالات، بغض النظر عن خلفيتهم الاجتماعية أو الاقتصادية، وكان يؤكد على المسؤولين بالقول: «أتمنى لكم التوفيق في تحمل مسؤولياتكم بكفاءة واقتدار لإعلاء كلمة الله وتطبيق شريعته وإرساء العدالة في المجتمع».

دعم
ولم يكتفِ بذلك بل دعم الاستثمار في قادة المستقبل فوفر لهم الفرص للتطور والتقدم في مختلف المجالات بالتساوي، من خلال تقديم الدعم المالي والتدريب والفرص الوظيفية لاقتناعه «أن العمل هو الذي يقودنا إلى التقدم. إننا لا ننظر إلى الشباب على أساس أن هذا ابن فلان أو قريب فلان، لكننا ننظر إليهم على أساس ما يقدمونه من جهد لوطنهم. ونحن سنقدم للشباب كل ما يحتاجون إليه ليحققوا آمالنا فيهم».

ولتطوير قادة قادرون على التعاون وحل المشكلات بطرق بناءة مع احترام الغير، كان يوصي بقوله: «من الواجب عليكم أن تخبروني إن كان هناك أي تقصير، وأنتم عون على أداء واجبي، ولن ألوم أحداً غيركم بوصفكم حكاماً وشركاء لي في المسؤولية عن أي تقصير وسوف أتقبل كل شيء برحابة صدر وسعة بال». جعل زايد الحوار والاستشارة مُتطلباً أساسياً، فكان نفسه قائداً متسامحاً يستمع إلى آراء الآخرين ويعتمد على الاستشارات في عملية صنع القرار، وبابه دائماً مفتوح.

غرس الشيخ زايد مبادئ وقيم قوية تصبو إلى التفاني والتآخي لخدمة الناس، وعزز قدرة القادة على تحمل المسؤولية، فقد كان يؤكد: «إن التسامح والتراحم أمر واجب من أجل الموقف الواحد، لأن المصير واحد».
لم يكن الشيخ زايد يريد قادة المرحلة بل من يبني مستقبلاً مستداماً ومستقراً للدولة. فكان يلهمهم من خلال رؤيته المستدامة، التي يعبر عنها جلياً بالقول: «الحقيقة أنني أكون سعيداً دائماً كلما التقيت بالأبناء الذين هم عماد مستقبل هذا الوطن، وعندما أراهم ينهلون العلم الذي هو الأساس الآن لكل تقدم ونهضة للأمة».

Email