الحياة المعاصرة بما فيها من تقنية وتكنولوجيا وتطور سريع قد تصيبنا بالروتينية القاتلة، نحن نبدأ يومنا كل صباح بالذهاب لمقار أعمالنا التي نؤديها باعتيادية ثم نعود إلى منازلنا، قد يمارس البعض منا الأنشطة الرياضة أو الزيارات وتدريس الأبناء وربما الذهاب إلى التسوق وشراء المستلزمات اليومية ثم نعود ليوم آخر يحمل نفس ملامح والتعب والإرهاق والنشاط والكثير من الذكريات الجميلة وربما السلبية إلى يوم جديد، أصبحت حواراتنا قليلة وحديثنا مع بعضنا يسوده الصمت أكثر عن الحديث، هناك الكثير من النمطية التكرارية وعدم الاهتمام بل أتوقع أن هناك مللاً وربما ضيقاً وألماً وحزناً من الحياة ومصاعبها.
لقد أصبح البعض يعاني مما يعرف بـ«متلازمة القلب المكسور» أو «متلازمة انكسار القلب» وهي حالة مؤقتة تصيب القلب نتيجة التعرض لموقف باعث على الضغوط أو الحزن الشديد لموضوع معين أو وفاة أو ربما الغرق في بحر عميق من التعاسة وعدم استطاعة الخروج منها.
الأبحاث والدراسات العلمية تؤكد مدى الخطورة الحقيقية التي يسببها الحزن على القلب والتي كلما زادت شدته كان تأثيره أقوى وأخطر.
إن متلازمة القلب المنكسر، وُصفت لأول مرة في اليابان خلال فترة التسعينيات، وعُرفت بأنها حالة تتعطل فيها وظيفة الجانب الأيسر من عضلة القلب، ويجبر باقي القلب على بذل جهد إضافي لتعويض الاعتلال، وقد يكون هذا خطيراً لأنه يؤثر سلبا على قدرة القلب على ضخ الدم بشكل صحيح.
ووفقاً لدراسة نُشرت في مجلة جمعية القلب الأمريكية (JAHA)، أصبحت متلازمة القلب المكسور أكثر شيوعًا الآن، وأصبحت تعرف باسم متلازمة «تاكوتسوبو»، وتشخص عند المرضى بسبب الإجهاد العاطفي أو الجسدي الشديد. فيما لفتت دراسة بحثية أخرى إلى أن المزاج الحزين والاكتئاب وربما الغرق في التفكير يعتبر عاملاً رئيسياً خطيراً للإصابة بهذه المتلازمة، لقد ساهمت طبيعة الحياة الاجتماعية في تنامي مثل هذه المتلازمة، وما يتم فيها من اختلافات وحوارات ونقاشات وشد وجذب وخصام وربما كراهية وفراق وحسد كما لا يخفى عليكم أن الحياة لا تتطلب منك التنازل بل بالمرونة بالاستماع ومحاولة تفهم الآخرين ولكن البعض يبدأ يومه بالصراخ والعصبية والردود القاسية والتسفيه والحساسيات والتقليل من آراء ووجهات الآخرين، كل ذلك سوف يؤدي حتماً إلى تنامي حساسيات الزعل والغضب لدى الكثيرون حولك، إننا نمارس هذه المتلازمة كلما اختلفنا مع الآخرين في الآراء، قد نبعد الكثيرين عنا في نهاية المطاف، لنتخلص من المبالغة في الغضب من بعضنا البعض، لنتعلم قيمة التغاضي والتناسي ونفتح بصفحة جديدة قائمة على مبادئ الأخذ والعطاء.
الدكتور شوقي جلال محمد، وهو مترجم ومفكر قال: «ما أحوجنا إلى أن نفهم أنفسنا، أن نتأمل حياتنا، وأن نعرف، عن وعي نقدي وبصيرة علمية، سبيلنا إلى النهوض وتطوير حياتنا، والارتقاء بها، والشرط الأول لهذا كله أن ندرك معنى المجتمع».
في النهاية من أجل أن تتجاوز متلازمة القلب المكسور أتوقع نحتاج إلى جهد وعمل جماعي وتفهم الآخرين، كلها أمور سوف تسهم حتماً في زيادة الوعي لدينا والعطاء بمزيد من الابتكار بعيد عن الروتينية.