عش في حدود يومك

ت + ت - الحجم الطبيعي

الحياة تحتاج منا الاستعداد النفسي، ذلك لأننا ندخل في أتون الهموم والأحزان والوظائف والأحداث، الجميع يدخل في عاصفة تشتد وتزيد وقد تصيبنا بالإرهاق العصبي والعقلي، البعض يعيش في الماضي المتراكم، يقول وليم أوسلر: «عش في حدود يومك، كلانا.. أنا وأنت نقف الآن في ملتقى طريقين خالدين: ماضٍ كبير ذهب بلا عودة ومستقبل مجهول يتربص بكل لحظة من الحاضر ولسنا قادرين ولو بجزء من الثانية على أن نعيش في أي منهما، وإذا لم نحصد إلا تحطيم أجسادنا وعقولنا فلنرضَ إذاً بالعيش في الحاضر الذي لا نستطيع أن نعيش إلا فيه».

ربما نحتاج أن نكون محصّنين ضد الإحباطات من الداخل، وأقصد من داخل أرواحنا، لأن معضلات الحياة كثيرة وقد تصيبنا بالوجع والألم والتعاسة والحزن، لقد كتب الروائي روبرت لويس: «كل إنسان يمكنه حمل عبئه مهما كان ثقيلاً حتى يأتي الليل، وكل إنسان يمكنه إنجاز يوم عمل واحد مهما كان صعباً، وكل إنسان يستطيع أن يعيش قرير العين، صابراً، محباً، حتى تغرب الشمس، هذا في الحقيقة كل ما يبتغيه في الحياة».

بالفعل البعض في حزنه وكآبته قد يصل إلى مرحلة الانتحار، في الأفراح قادرين على مواجهة الحياة والتكيف معها، ولكن المعضلة تكمن في الجانب المظلم، ولذلك نسمع الكثير عن الألم والحزن والخوف والوحدة والاكتئاب، ولكن بعض الأشياء البسيطة قد تغير حياتنا للأفضل، ربما علينا البحث عن السعادة والفرح في حياتنا اليومية، قد تكون السعادة في التفاصيل الصغيرة، ليس اليوم إلا حياة جديدة لمن يعقلون، نعم هذه عبارة قرأتها في كتاب عن امرأة خسرت زوجها ومنزلها في نفس اليوم وكانت هذه المصائب كبيرة جداً، فقد تكالبت عليها الحياة وفقدت وظيفتها وعجزت عن دفع إيجار منزلها وخسرت زوجها في حادث، وكادت تفقد حياتها بسبب الدخول في الإحباط، ولكنها تقول بأن بعض العبارات والكلمات قد أنقذتها وأعادت لها الحياة من جديد، تقول السيدة: «استطعت التغلب على خوفي من المرض والحاجة ولم أعد خائفة قلقة ثانية مهما واجهتني من مصاعب، وأعرف أيضاً أنني لا حاجة بي للخوف من المستقبل طالما أنني أعيش كل يوم على حدة، وطالما أدركت أن كل يوم جديد هو حياة جديدة لمن يعقلون».

أتمنى أن ننظر إلى حياتنا بنوع من التفاؤل.. كل شيء يتغير ولا شيء يبقى في مكانه، يتبدل الزمن وتتغير الأوقات فتتبدل ميولاتنا ورغباتنا، وتتغير طموحاتنا وآمالنا وتصبح لدينا طموحات جديدة، الحياة تتغير مثلما تتبدل أفكارنا وتكبر طموحاتنا، وفي وسط هذه التغيرات البعض قد يتغير معنا وتصبح لديه فكرة أو غاية جديدة أو الركض نحو فكرة نعتبرها منقذة وفريدة.

كلنا نحاول الفوز في هذه الحياة، ولكن البعض للأسف قد يؤلم البعض ويسبب لهم الحزن والتعاسة، وقد نسبب القلق لمن حولنا بكلماتنا الجارحة وهذا ليس مؤشراً للنجاح أو الفوز، قال الفيلسوف الأفريقي هرقليط: «إنك لا تنزل النهر نفسه مرتين»، المعنى المختصر؛ استمتع باليوم أو تمسك باليوم، والذي نصل إليه أنه يجب علينا جميعاً اختيار كلماتنا، وعدم ترك العنان لغضبنا، فبعض الكلمات قد تكون مؤذية قيل: «الكلمة الجارحة تشبه طرقك للمسمار في الخشب، والاعتذار كنزعك ذلك المسمار، لكن أثره يبقى على الخشب». فلنختر كلماتنا وبدقة لأنها قد تنقذ البعض منا.

Email