كن قوياً لأجلك

ت + ت - الحجم الطبيعي

نسمع بين الحين والآخر قصصاً متنوعة عن الآلام والمآسي، قصصاً محزنة لأشخاص تعرضوا للظلم والمصائب وخسروا أموالهم وأسرهم وفقدوا محبيهم، طبيعة الحياة تحتم علينا الصبر وعدم الاستسلام، والإحساس بقيمة النعم، تذكر مهما صارت الحياة صعبة فهناك أمل، وتذكر أن لديك نعماً كثيرة لا تحصى، الكثير منا يستسلم عند أول مصيبة ويغلق باب الأمل، فيسقط في براثن الظلام والخوف من الغد.

فيعيش منطوياً على نفسه كئيباً يستسلم للأمراض الجسدية والنفسية، ولكن دعونا نتعرف على المؤلفة الأمريكية هيلين كيلر، وكتابها الذي حمل عنوان: «قصة حياتي العجيبة» هذه السيدة التي استطاعت أن تقهر المرض ورغم أنها فقدت السمع والبصر إلا أنها واجهت الحياة، وكانت من الذين قهروا المعاناة وتغلبوا على الوجع، تقول في كتابها: «رغم أن العالم مليء بالمعاناة، إلا أنه أيضاً ممتلئ بمن يقهرونها».

تلك المرأة قهرت الصعاب واستطاعت المضي رغم إعاقتها ونشرت هيلين كيلر ثمانية عشر كتاباً، ومن أشهر مؤلفاتها: العالم الذي أعيش فيه، أغنية الجدار الحجري، الخروج من الظلام، الحب والسلام، وهيلن كيلر في أسكتلندا. 

وترجمت كتبها إلى خمسين لغة. ألّفت هيلين كتاب «أضواء في ظلامي» وكتاب «قصة حياتي» في 23 فصلاً و132 صفحة في 1902، وكانت وفاتها عام 1968م عن ثمانية وثمانين عاماً. واحدة من عباراتها الشهيرة: «عندما يُغلق باب السعادة، يُفتح آخر، ولكن في كثير من الأحيان ننظر طويلاً إلى الأبواب المغلقة، بحيث لا نرى الأبواب التي فُتحت لنا». 

وذكرت معاناتها في كتاب آخر بعنوان: لو كان لي أن أرى ثلاثة أيام، تقول: «اعتدت من وقت إلى آخر أن أختبر أصدقائي المبصرين لأكتشف ماذا يشاهدون. كنت مؤخراً في زيارة لإحدى صديقاتي التي كانت عائدة لتوها من أحد الحقول، وعندما سألتها ماذا شاهدت؟ أجابتني لا شيء على وجه التحديد. كدت لا أصدقها لو أنني اعتدت سماع هذا الجواب من غيرها.

فقد توصلت منذ وقت طويل إلى قناعة بأن المبصرين لا يرون إلا القليل. دائما أتساءل كيف يمكن أن نمشي لمدة ساعة بين الحقول ثم لا نشاهد شيئاً جديراً بالملاحظة؟! أنا الإنسانة العمياء أجد مئات الأشياء التي تشد انتباهي من خلال حاسة اللمس فقط. وأحياناً يقفز قلبي شوقاً لمشاهدة هذه الأشياء! إذا كنت أحصل على متعة من مجرد اللمس فأي جمال سيتكشف لي من حاسة اللمس فقط».

كلمات هذه السيدة العظيمة تبعث على الأمل والقوة، نحن نتحدث كثيراً عن الخسارات، ولكن لا نبحث عن النجاحات في حياتنا، لا نبحث عن النعم ونعمة وجود الأسرة والعائلة والأبناء، هؤلاء، الذين يستدعون الخوف والقلق والخيارات ويجعلونه جزءاً كبيراً من حياتهم اليومية، يستدعونه في العمل وبين أسرهم وأصدقائهم إنهم يمنعون عن أنفسهم الكثير، «القلب المملوء حزناً كالكأس الطافئة، يصعب حمله».

الأحزان لن تدفع بك نحو التفاؤل ولا النجاح، والمصائب التي تجتاحك وتصيبك لست وحدك معنياً فيها، بل هناك الآلاف من الناس ممن يعانون ويتألمون ويبكون ويخسرون ويفشلون، فلا تستدعي الموت البطيء والمزيد من الخسائر، دعونا نستذكر جمال النعم وقيمتها في حياتنا ونحمد الله عليها.

Email