السرد الاستراتيجي للمؤسس.. «فريق العمل»

ت + ت - الحجم الطبيعي

قد نعد للمؤسسة أو المنظومة هيكلاً تنظيمياً رسمياً ممتازاً، ونحدد المسؤوليات والواجبات لكل وحدة تنظيمية، ووصفاً وظيفياً ودليلاً لإجراءات كل عملية، لكن يبقى ضمان تحقيق المستهدفات رهن العنصر البشري وحماسه وانضباطه، وتبنيه لمسارات صحيحة لتطبيق عمله، وفوق ذلك كله رهن روح الفريق، تلك العلاقة التي تربط المورد البشري، وتشكل الهيكل التنظيمي غير الرسمي، الذي يقود لتحقيق التطلعات بشكل عملي.

ولعل ما يميز القادة قدرتهم على توجيه فريق العمل نحو رؤية موحدة، وقد تم تطوير العديد من النظريات والأساليب في هذا الصدد، لكن يبقى نهج الشيخ زايد في تشكيل فريق عمل مكون من شعب بكامله، نحو قبلة واحدة، أمراً يدرس، ويستحق أن تقام في حقه البحوث والدراسات، فأول ما اهتم به الوالد المؤسس هو تحديد الرسالة الموصلة لرؤيته، التي تنطلق من الحاضر نحو المستقبل، ثم غرسها في شعبه، وليس ذلك فقط، بل تشجيعهم وحثهم على تبنيها، فبأسلوب قائد الجيش قبيل المعركة يوجه، طيب الله ثراه: «إن ظروفنا تختلف عن ظروف أي بلد آخر، نحن في حاجة إلى أن نطلب العلم بأقصى ما نستطيع من جهد، إننا في أشد الحاجة إلى هذا العلم، وهذه الجدية تتطلب من كل شاب يطلب العلم أن يتحلى بصفات الرجولة الحقة. إن الرجولة المبكرة من أعظم الصفات، التي يمكن أن يتحلى بها أي شاب في بداية الطريق إلى المستقبل الذي يأمله، فهذه الصفحة بالذات تدفعه للإقدام على عمل كل ما يجعله يفخر بذاته كرجل حقيقي، وهي أيضاً تبعده عن كل ما يمكن أن يخجله أمام نفسه أو أمام الناس».

ويحدد الشيخ زايد، رحمه الله، متطلباً أساسياً لاختيار العنصر الكفؤ في فريق العمل؛ وهو توفر العلم والخبرة، ويوضح ذلك: «العلم ليس على الورق فقط وإنما يلزمه الخبرة والممارسة، وتطبيق هذا العلم في الحياة والواقع ومعايشة الرجال. كيف يمكن أن يكون العلم على الورق بدون الممارسة العملية واكتساب الخبرة ؟».

كما أن الالتزام والاقتناع بالمسؤولية الملقاة على كل عنصر يعتبران بعداً محورياً لدى الشيخ زايد في فريق العمل، لما لذلك من تأثير على المواقف المحفزة للأداء الإيجابي، كما يشير لذلك: «ما أرجوه من الشباب في كل المواقع العسكرية والمدنية التسابق على ما هم بصدده وما جندوا لأجله، ويجب على كل فرد أن ينظر في سلوكه إلى من لهم مواقف حميدة في أهله وفي الآخرين، وأن يحاول ويسعى إلى تبنيها وتطبيقها على نفسه، وأن يتجنب كل مواقف مذمومة».

ولن تكتمل عملية إدارة الفريق إلا بوضع مؤشرات لقياس أدائه، فمن خلال كلمات وازنة يحدد الشيخ زايد مقياساً لنجاح وفشل النتائج وليس المخرجات فقط، فيؤكد: «إن التقدم والنهضة لا يقاسان ببنايات من الأسمنت والحديد، وإنما ببناء الإنسان وكل ما يسعد المواطن، ويوفر له الحياة الكريمة، وإن ثقة شعب الإمارات في اتحاده تأتي انطلاقاً من الوعد الصادق والأقوال التي أصبحت أفعالاً على أرض الواقع»، أما مبدأ المحاسبة لدى المؤسس زايد فهو إصلاح وفرص تحسين، وليس تصيداً للأخطاء كما يعلمنا: «إن الإنسان إذا تقاعس ساعة أو يوماً عن مسؤوليته تؤخذ عليه مآخذ وخيمة من حكومته ومن شعبه، ولا بد للجميع من الحفاظ على أموال الشعب، وعلى كل منكم أن يكون حازماً وواعياً لمسؤوليته وأمانته، وإذا وجد سلبيات فعليه طرح ذلك علينا دون تردد، وسنعمل جميعاً يداً واحدة من أجل المصلحة العامة». 

ولتحقيق التفاني والمثابرة يلهم الوالد المؤسس أعضاء فرق العمل بعبارة ملهمة تعكس الجوهر الحقيقي المُحفز للإنجازات: «إن كل فرد إنما يذكر بعمله، فالخالد هو الوطن والعمل وليس الإنسان، فبغض النظر عن براعة الإنسان أو شعبيته فقد ينسى إذا ما ابتعد أو انتقل إلى رحمة الله، ولا يظل شاهداً عليه سوى عمله، وكل شيء آخر يتلاشى مع الزمن وهذه طبيعة الحياة».

Email