الكتابة بين الرهاب والحس النقدي

ت + ت - الحجم الطبيعي

الكثير من المخاوف تتلبسنا عندما نبدأ في خوض تجربة الكتابة والتأليف، ودون شك كل طريق له مخاوف وقلق وتحيط به هالة من المجهول تجعل البعض قد يفكر في أن يتراجع أو يؤجل أو قد يتردد في التعبير عن أفكاره، كذلك الكتابة قد تأتينا بعض اللحظات التي تجعلنا نتوقف بسبب عدم إيجاد فكرة متميزة أو الانشغال بأمور الدراسة والحياة والوظيفة وغيرها، حتى المؤلفون الكبار ممن لهم باع طويلة في مجال الكتابة قد يشعرون أحياناً بحالة من الرهبة والقلق تعتريهم في عالم الكتابة والتأليف، إن تلك المخاوف والرهبة والتوجّس نحو الكتابة والتأليف ربما تأتي عندما يشعر الكاتب بأنه يريد أن يقدم لمجتمعه وحياته الشيء الجديد، عندما يشعر بأن أفكاره بدأت تنضب هذا ما يسمى بـ«رهاب الكتابة» وهو أنه تبدو الفكرة التي تدور في ذهنك واضحة في البداية وتدريجياً مع تراكم الكلمات والفقرات تبدأ الشعور بخيبة الأمل تتسرب إلى نفسك وعقلك، تبدأ تشعر تدريجياً بأن ذلك الوهج بدأ يخفت وتصبح عاجزاً تماماً عن كتابة ما يدور في ذهنك ونقله على الورق، ويبدأ ذلك الوهج يخفت والكلمات تقل، عندئذ من الأفضل أن تتركها، إذ ربما يشحذ حماسك مشروع آخر أو رياضة معينة أو المشي فتعود إلى مقعدك لتعاود الكتابة.

كتب الروائي زيف شافتس عن هذا الشعور في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز، قائلاً: «عندما كنت أكتب روايتي الأخيرة كنت مثل من يشاهد فيلماً يمر في ذهنه، وفي كل يوم أنتهي فيه من العمل، كان ينتابني شعور بالخوف من أنني لن أتمكن من استكمال الفيلم في اليوم التالي، ولكن الفيلم استمر وانتهى وانتهيت من الرواية، وتم نشرها وقبولها من القراء».

إذاً؛ حاول أن تبعد الناقد الجالس على كتفيك وعد للكتابة وسوف يتوفر لك الكثير من الوقت للتنقيح وإعادة الكتابة وإعادة مراجعة ما كتبته قبل أن يتسنى للآخرين إصدار أحكام عليك لتقويم كتبك، الكثير ممن يقتحمون عالم الكتابة يرغبون دائماً بالبحث عن الأفكار الجديدة والكلمات المناسبة، ولكنني أؤمن دائماً بأنه لا توجد طريقة مثلى للكتابة، بل أؤمن بنضوج الفكرة وضرورة التخلص من الأفكار المحبطة، وأهم شيء حاول أن تكتب كل ما يجول في ذهنك، ولا تجعل الحس النقدي يوقف تدفقك عن الكتابة، ثق أنك تجيد الكتابة والتأليف فلا تحرم نفسك من التأكد من موهبتك، وهذا لن يأتي إلا بالكتابة ونشر منجزك، عندها ستجد أن تجربتك ثرية ومهمة تستحق النشر، وإن كانت غير ذلك فهي تجربة ستفيدك في مسيرة حياتك القادمة، يقول الأديب والروائي كارلوس ليسكانو: «أن تكتب يعني أن تبتكر صوتاً، أو أسلوباً يعطي للعالم شكلاً أسلوباً لا يجب أن يكون أنيقاً أو مثقفاً بل يجب أن يكون لك مكان خاص بك».

قف بقلمك وادخل عوالم الكتابة التي لم يتم اكتشافها، إنك كاتب لا تحتاج الحصول على الاعتراف من أحد بكتابتك، بل تحتاج إلى تغيير روتينك العادي وحياتك اليومية والبدء في القراءة والحصول على المعرفة، حرر أفكارك من أي ارتباط، واكتب الكلام والمقاطع التي ترد إلى ذهنك، وحاول أن تتعامل باحترافية مع عناصر الكتابة الإبداعية.

Email