رمضان لا يهلّ فجأة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشهد الساحة الثقافية حالة متسارعة من الفعاليات الكبرى التي تقام بشكل متزامن خلال الأسابيع القليلة الأخيرة الماضية واللاحقة، وكأن المؤسسات الثقافية والفنية التي تبادر بتنظيمها في حالة سباق ماراثوني لإقامتها، قبل حلول شهر رمضان المبارك، الذي لم يعد يفصلنا عنه سوى أقل من شهر واحد.

الظاهرة ليست جديدة تماماً، لكنها تصبح أكثر بروزاً عاماً تلو الآخر، منذ أن ودع رمضان حلوله في فصل الصيف، ليتماس مع فترة اعتدنا أن تكون غنية بالعديد من الفعاليات المهمة.

لا تصب حالة تكدس إقامة الأنشطة والمهرجانات والملتقيات والمعارض في فترة زمنية وجيزة في صالح أي من المهتمين بالشأن الثقافي، بما فيهم المشاركون فعلياً في هذه الأنشطة والمنافسات، وأي إحصاء أو رصد أمين بين نسخ الحدث الواحد عبر أعوام متتالية، سيوضح حجم التراجع الذي تحققه هذه الفعاليات في حال الزج بها في سياق أجندة مزدحمة بالفعاليات، خلال مساحة زمنية محدودة.

هناك الكثير من الحلول التي يمكن تطبيقها، فهلال شهر رمضان لا يهل فجأة، كما أن تأثيره لا يرتبط بإدارات المؤسسات الثقافية وحدها، فجميع مؤسسات الدولة تعمل بكفاءة في رمضان، كسائر أوقات العام، مع مراعاة ساعات الدوام المعدلة سواء من حيث توقيتها أم عددها، وخلاف ذلك.

العديد من المؤسسات الثقافية حصرت نشاطها خلال شهر رمضان في نوعية الأمسيات الاستعادية، والجلسات النقاشية الأقرب إلى أحاديث السمر، والكثير منها يتطرق للقضايا والموضوعات نفسها تقريباً، ولا ينتهي لنتائج أو توصيات محددة يمكن تطبيقها.

ويمثل استثناء شهر رمضان من أجندة الفعاليات الثقافية الفعلية، بعد أن أصبح الشهر الكريم يحل بعيداً عن أشهر الصيف، تقويضاً إضافياً للنشاط الثقافي الحقيقي، لا سيما وأن أشهر الصيف تشهد ثباتاً شبه تام في هذا النشاط.

عملياً لا يوجد مانع في أن يتم إقامة أحداث ثقافية أو فنية كبرى خلال شهر رمضان المبارك، لا سيما خلال الفترة المسائية عقب توقيت الانتهاء من صلاة التراويح، وعلى مدار أكثر من ساعتين، وهو توقيت كافٍ جداً إذا ما توافر للحدث إدارة لا تفاجأ بقدوم الشهر الفضيل، فضلاً عن حسن تنظيم الفعالية وقت إقامتها، ومن قبل ذلك توافر إرادة إقامته في مساء رمضان، وخصوصاً في أيامه العشرين الأولى، بعيداً عن لطائف ما بين مأدبة الإفطار والسحور، ووجبات الأعمال الدرامية، وسواها.

Email