القيادة مسؤولية.. القائد الحكيم يقود بلاده إلى الصعود والاستقرار.. الاعتراف بالجميل قوة لا يقدر عليها سوى الصادقين والواثقين.. ترسيخ ثقافة إعطاء الناس حقوقهم، منهج يؤكد فلسفة الأخوة والتسامح والتعايش.

الرئيس عبد الفتاح السيسي أثناء حواره على هامش انعقاد القمة العالمية للحكومات مع الإعلامي الإماراتي فيصل بن حريز، تحدث من القلب إلى قلب الأشقاء العرب، الرئيس السيسي يكتب ذاكرة المستقبل عبر حديثه المليء بالرسائل الوطنية المهمة.

مصر دائماً تنحاز لعروبتها، تؤمن بها وتترجمها واقعياً.

القاهرة قدر الجغرافيا والتاريخ في أن تكون قلب العروبة النابض.

الحدود الفاصلة في خرائط المنطقة لم تنجح في فصل الروح العربية عن التماسك والتلاحم ووحدة وتطابق الرؤى. التحديات مشتركة والمصير واحد.

فلسفة واستراتيجية خاصة للرئيس السيسي منذ أن تولى مسؤولية قيادة الدولة المصرية عام 2014، تجاه الأمة العربية. اعتبر أن أمنها القومي جزء أصيل وركيزة أساسية للأمن القومي المصري، لذا وضع تعميق التقارب والتنسيق الكامل مع الأشقاء العرب أولوية قصوى، ترجمت إلى واقع لمسناه في العديد من القمم المشتركة، حول أهم وأخطر القضايا الفاصلة في المنطقة والإقليم، وكذلك ترجمتها الزيارات المتلاحقة إلى الأشقاء من أجل تبادل وجهات النظر حول القضايا والتحديات التي تواجه المنطقة. في حديث الرئيس السيسي جاء الكلام صادقاً وبسيطاً. قائد يتحدث وسط أهله دون حسابات. أعاد التأكيد على الدور العربي، لا سيما دولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، ودولة الكويت، في تقديم كل أشكال المساندة لمصر في أعقاب ما يسمى بالربيع العربي، وما تلاه من زحف للجماعة الإرهابية إلى سدة الحكم.

هنا أتوقف لأؤكد أن هناك إدراكاً كاملاً من قبل الأشقاء لأهمية وقيمة الدولة المصرية في محيطها العربي كدولة فاعلة، والحفاظ عليها يستوجب التحرك والتضافر السريع من أجل استعادة عافيتها وقوتها من جديد، وأيضاً أتوقف أمام رسالة الوفاء التي أراد الرئيس السيسي التأكيد على مفهومها بين الشعوب العربية، فالتجارب كاشفة.

عشنا أيام الفوضى والتخريب والإرهاب والعنف والتطرف وهجوم الظلام، ليس لاختطاف القاهرة فقط، لكن من أجل تنفيذ خطط التمدد لاختطاف الخرائط العربية بأكملها. نجت مصر، لكن عواصم أخرى لم تستطع حتى الآن استعادة ملامحها الوطنية الكاملة.

انظروا معي إلى الخرائط الجريحة: سوريا.. اليمن.. ليبيا. نماذج لدول فقدت توازنها عام 2011، فاختلت موازين الوطنية بفعل فاعل خطط لتشويه ملامحها واختطاف هويتها، واستبدال «ديمغرافيتها» ولا تزال حتى الآن تئن جراء هذه المخططات السوداء. هذه هي أثمان الفوضى التي تحدث عنها الرئيس السيسي أمام القمة العالمية للحكومات، مصر دفعت 450 مليار دولار ثمناً لهذه الفوضى، ونزيف الخسائر لا يزال مستمراً في العواصم الجريحة.

حذر الرئيس السيسي من محاولات لعودة الفوضى، وطالب الشعوب العربية بأهمية وضرورة الحفاظ على أوطانهم، فالدول التي تنهار من الصعب أن تقوم مرة أخرى.. النداء وطني عروبي ينطلق من محبة واجبة للأشقاء العرب.. الاتحاد قوة، العرب لديهم فرصة سانحة لأن يكونوا على قلب رجل واحد.. من غير المقبول السماح لقوى الظلام بالعبث في المساحات المشتركة التي تمثل القوة الحقيقية لاستقرار وثبات المنطقة بل والشرق الأوسط.

الميراث العروبي سجلته صفحات التاريخ، حكيم العرب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة أوصى أبناءه بمصر قائلاً: «نهضة مصر. نهضة للعرب كلهم، وأوصيت أبنائي بأن يكونوا دائماً بجانب مصر، وهذه وصيتي أكررها لهم أمامكم بأن يكونوا دائماً إلى جانب مصر، فهذا هو الطريق لتحقيق العزة للعرب، إن مصر بالنسبة للعرب هي القلب، وإذا توقف القلب فلن يكتب للعرب النجاة».

صفحة أخرى لا تزال عالقة في وجدان وقلوب المصريين، عنوانها «المملكة العربية السعودية»، فالملك المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود، عندما زار مصر عام 1946، أوصى أبناءه بمصر قائلاً لهم: «لا غنى لمصر عن العرب، ولا غنى للعرب عن مصر». تعاقبت الأجيال والنصيحة واحدة وثابتة، تتوارثها الأجيال تجاه مصر، نلمسها واقعياً في المواقف الصعبة التي تؤكد إخلاص ومحبة الأشقاء، وقد اتضح ذلك جلياً في الهمة العربية والعروبية بعد ثورة 30 يونيو عام 2013، فلا يزال موقف الملك عبد الله، رحمه الله، يضرب أروع الأمثلة للوقوف وقت الشدائد، أصدرت المملكة العربية السعودية بياناً داعماً بكل قوة، وأرسل وزير خارجيته الأمير سعود الفيصل، رحمه الله، إلى فرنسا لتصحيح المفاهيم المغلوطة تجاه ثورة الشعب المصري ضد الجماعة الإرهابية.

أتوقف بقوة أيضاً أمام تاريخ 3 يوليو من عام 2013، فالرئيس السيسي قال في حواره بقمة الحكومات: إن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، زار مصر على رأس وفد رفيع المستوى في ذلك التوقيت، وكانت الأمور داخل مصر ليست على ما يرام بشأن الطاقة والكهرباء والغاز.

لم يتحدث الرئيس عن شيء، لكن الشيخ محمد بن زايد بادر بقوة، وأكد الرئيس السيسي بأنه فوجئ بأن السفن انطلقت محملة بالغاز والسولار والبوتاجاز من البحر المتوسط إلى البحر الأحمر. هذه بعض النقاط المضيئة التي توثق وتؤسس وتبنى على التقدير والشراكة الوطنية المتبادلة بين مصر والأشقاء العرب.

 

* رئيس تحرير مجلة «الأهرام» العربي