في حياتنا اليومية مفاهيم كثيرة تحتاج إلى إعادة صياغة، تلك المفاهيم الجميلة التي يفترض أن تغير نظرتنا للحياة وتساعدنا على تجاوز الصعوبات وتبث القوة في دواخلنا؛ الكثير منا يعاني حالة من الشتات والضياع وربما التسطيح، تغيرت القيم واختلفت وحلت محلها قيم لم تكن موجودة، قسوة وجمود وعدم اهتمام وأنانية وغيرها من المشاعر التي لم نكن نراها إلا في وقتنا الحالي، اختفت الإنسانية والتعاطف والتراحم.

كلنا نحتاج إلى الحب؛ تلك المفردة المكونة من حرفين.. حرفان فقط كفيلان بوصف وشرح تلك المفردة العظيمة «حب». 

تلك المفردة لا تحمل في طياتها إلا الحب والتقدير والاحترام، فقد تجمعك الحياة بشريك رائع وتظل بينكما المودة والرحمة ويسود الحب والعطاء والاحترام، وفي هذه المفردة على اختلاف المواقف قد نجدها من أشخاص لا نعرفهم قد يغمرونك بها وفي المقابل هناك من يلفحك بالخذلان والألم والتعاسة، الحب هو أن تشعر بالسعادة مع من تحب، أن تضحك وأنت تستمع للقصص المضحكة والطرائف، أن تشعر بالحنو واللطف ورقة المشاعر، فالحب يجعلك مبتهجاً سعيد النفس منشرح الصدر، برغم كل هذا، يبقى الحب حاجة، وليس ترفاً ونزوة ومصلحة.

الحب حالة لم تفسر، ولا نعرف كيف تبدأ هذه الحالة؟ ولماذا؟ ولكننا نحتاجها، الحب حالة إنسانية سرمدية بدأت مع الإنسان ونمت ورافقته منذ ظهرت البشرية ولا تزال فئة المحبين بيننا، يعبرون عن حبهم بطرق مختلفة، حب نادر، حب عظيم، والأجمل أن هناك فئات لا تتحدث بل تقوم بالأفعال دائماً وتقديم المساعدة، فتراهم يشاركون من يحبون كل التفاصيل ويحاولون إسعاده بكل جهد، فتجد البعض ربما يضحي بحياته من أجل حبيبه، فتجدهم ربما يتخصصون في دراسة معينة لا يريدونها من أجل رؤية محبيهم وربما يضحون بدرجات وظيفية جيدة وترقيات وأحياناً فرص عمل، نسمع الكثير من قصص الحب وحكاياته ورغم احتياجنا للحب ولكن بمقياس محدد، فالتوازن مطلوب في العلاقات الإنسانية. 

ورغم أنه تم وضع العشرات من التعريفات للحب ومصطلحات كثيرة، ولكن الحب لا ينحصر دوره في جانب واحد فهو ليست علاقة الأم بطفلها والعلاقة الحميمة بين الرجل والمرأة، بل يتعداه إلى وظائف أخرى.

الشاعر الراحل نزار قباني، في واحدة من أجمل قصائده يقول: «لو تطلب البحر في عينيك أسكبه أو تطلب الشمس في كفيك أرميها.. أنـا أحبك فوق الغيم أكتبهــا وللعصافيـر والأشجـار أحكيهـا.. أنـا أحبك فوق الماء أنقشهــا وللعناقيـد والأقـداح أسقيها.. أنـا أحبك يـا سيفـا أسال دمي يـا قصة لست أدري مـا أسميها».

إننا نحتاج لقيمة الحب فهي تحتوي جميع القيم ولها تأثير كبير على نشأة الطفل وحياته ومستقبله، نعم إننا في أمسّ الحاجة لنشرها وتعميمها والتحدث عن فوائدها وخصالها لعل يكون هناك أكبر قدر من الناس يتوجه لها ويحاول اكتسابها، فضلاً عن قيم أخرى مثل الإخلاص والجدية والأمانة والتي لا يخفى أثرها في تطور أي مجتمع وتقدمه.