الذكاء والغباء أمر نسبي، فما نراه من أمور مبدعة قد تكون عادية بالنسبة للبعض، ولكن البعض يحاول تعظيم تصرفاته فيمنحها صفة الذكاء، والذكاء عملية أكثر تعقيداً كونها تعتمد على استراتيجيات مقصودة وتكنيك للحصول على نتيجة جيدة، وفي الوقت نفسه يمكن لنا تمييز الغباء كونه ينتهي دائماً بنتيجة خاطئة أو فاشلة.

والأذكياء يتعلمون من ماضيهم فلا يكررون الأخطاء مرتين، فهم يستعدون مسبقاً للظروف ويحاولون إيجاد خطة بديلة لأية ظروف مفاجئة، ويضعون عدداً من الحلول لتجاوز أي مشكلة؛ فهم لا يقفون عند طريق واحدة قد يخطئون؛ يتعثرون؛ يتألمون؛ يسقطون ولكنهم في النهاية حتماً سوف يتوصلون إلى النهاية الأفضل، في المقابل يبقى الشخص الغبي في حدود طريقة واحدة يجربها وعندما يفشل فيها ينهار ولا يعاود الكرّة.

الأذكياء يملكون الشجاعة لتغيير آرائهم وأفكارهم وعاداتهم القديمة ويسعون دائماً إلى التجديد ولا يتفاخرون بذكائهم ولا يتخذون قرارات متسرعة ضد أي مشكلة أو تحديات، فهم لا يتوقفون عن التعلم ويبحثون عن المعرفة والمزيد من الفرص والتفوق، ويتمسكون بإخبارهم ويسعون من أجلها، لهذا نجد أن الأذكياء يسعون دائماً إلى التصرف بحنكة ويتجاوزون أخطاء الماضي، ونراهم كيف يستفيدون من أخطاء وتجارب الآخرين ومراقبتهم ومحاكاة قصصهم والتأثر بهم ودراسة تصرفاتهم ومحاولة تقليدهم.

سوف أقول لكم قصة جميلة جداً، ففي السبعينيات كان أحد المواطنين البلجيك يعبر حدود ألمانيا على دراجة هوائية بشكل يومي، وكان يحمل على ظهره دائماً حقيبة بالتراب، وبالطبع تلك الرحلات أثارت شكوك رجال الحدود الألمان وكانوا على يقين بأن الرجل كان يهرب بعض المواد الممنوعة؛ لقد استعانوا بأفضل الخبراء لديهم وأحدث الأجهزة إضافة إلى الكلاب البوليسية ولكنهم في كل مرة لم يجدوا سوى التراب ولكن المفاجأة بعد عشرين عاماً تبين أن هذا الرجل كان يهرّب الدراجات إلى ألمانيا وصنع منها ثروته.

إن هذه القصة وغيرها من القصص الملهمة يمكن لها أن تحفزنا على النجاح؛ ربما البعض يشعر بالصعوبة من عدم وجود المحفز أو المال أو حتى الشجاعة والقوة للبدء بمشروعه أو عمله الخاص وربما توجد تحديات تقف في طريقه وتمنعه من إتمام أعماله على جميع المستويات الشخصية والوظيفية، ولكنني استحضر لكم مثالاً آخر قصة عازف الكمان الفرنسي الذي تقدم لإحدى اللجان آملاً الحصول على فرصة لمستقبله المهني، وحين بدأ العزف انقطع أحد الأوتار، ولكنه استمر بالعزف بالمستوى نفسه ثم انقطع الثاني والثالث والرابع وكان يعزف حتى انتهى من المقطوعة بشكل كامل؛ ربما تتوقع عند قراءتك لهذه السطور أن العازف قد فشل ولكن اللجنة أعطته الدرجة بالكامل ليس لهدفه إنما على إصراره على استكمال تحديه وعزفه، وإصراره على النجاح، والهدف من هذه القصة هو عدم التوقف أبداً عن المحاولات مهمها أصبحت الأمور صعبة، فالحياة بها الكثير من الأوتار التي تستحق العزف عليها، من يدري ربما تجد مقطوعتك المتميزة التي تنقلك لعالم النجاح ويساعدك ذكاؤك وتصرفاتك في الأمور المحيطة بك.