جمعة الماجد.. سيرة معطاء ماجد

ت + ت - الحجم الطبيعي

في كل وطن معطاء شخصيات هي جزء من تاريخه ومسيرته وشخصيته، هي محل تقدير واحترام واعتراف بدورها الريادي من القيادة وأبناء الوطن.

ومنذ نشأة هذه الدولة الرشيدة تأسست على احترام كل جهد يبذله إنسان عميق الحب صادق الانتماء لهذا الوطن الحبيب، وهي سنة حميدة، رسخها المؤسسون الأوائل من رجال الدولة ولا سيما شيخا الوطن وسيفاه الماضيان: زايد وراشد، رحمهما الله، فظلت هذه القيمة عميقة الحضور في رجال الدولة، الذين ورثوا شرف المسؤولية، ونهضوا بأعباء الوطن، حيث ظلوا حريصين على تقدير هذه النماذج الوطنية النادرة، التي تستحق كل حب وتقدير واحترام.

في هذا السياق من الاهتمام والاحترام لرجالات الوطن ورموزه الكبار نشر سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير المالية، على حسابه في «إنستغرام» كلمة بديعة المحتوى مكتوبة بمداد المحبة الصافية والتقدير النبيل في حق رجل من رموز هذا الوطن وبناته المخلصين هو معالي جمعة الماجد، أطال الله في عمره، الرجل الذي طلع في سماء الوطن بدراً مكتملاً.

وأضاء من جنباته ما جعل منه جزءاً أصيلاً من قصة بناء الدولة ومسيرتها المتميزة، فكان لهذه الكلمة الملهمة من سمو الشيخ مكتوم أثر عميق في النفس جعلني أكتب هذه الإضاءة تعبيراً عن المحبة الصادقة لهذا الرجل الرمز، الذي يستحق كل حفاوة وتكريم.

«هو أحد قصص دبي الملهمة، وجزء من ريادتها»: بهذه العبارة الرائعة المفعمة بالمحبة والتقدير يفتتح سمو الشيخ مكتوم بن محمد كلمته الثمينة في حق معالي جمعة الماجد، ليتجاوز بهذه الحروف القليلة كل عبارات الثناء حين جعل من ( بو خالد) جزءاً من الريادة النادرة لمدينة دبي بكل ألقها وشموخها، فهو قصة ملهمة من قصص هذه المدينة، التي حكى قصة نشأتها ومراحل تطورها وبلوغها القمة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في سيرته الذاتية الملهمة (قصتي: 50 قصة في خمسين عاماً).

حيث أبدع في إضاءة المسيرة التاريخية لدبي، وها هو سمو الشيخ مكتوم يشير إلى أيقونة متميزة من معالم دبي الرائدة هو معالي جمعة الماجد، الذي أطل على هذه الدنيا الجميلة قبل ثلاثة وتسعين عاماً عام 1930، ليكون شاهد صدق على ولادة الدولة، ومواكبة جميع مراحل التطور والتحديث، التي شهدتها الدولة، ودبي خصوصاً في سعيها الدؤوب نحو مكانة مرموقة بين مدن العالم الكبرى وحواضره الزاهرة النشيطة.

«بداية متواضعة وقصة كفاح ونجاح جعلته من أهم رجال الأعمال في الإمارات والمنطقة. كان مدركاً لطموح دبي ورؤية قيادتها، فسخر حياته للبناء والإنجاز».

وكما هي طبيعة كل الأشياء كانت بداية جمعة الماجد بسيطة متواضعة منسجمة مع المرحلة التاريخية، التي انطلقت فيها عجلة الحياة في ربوع الوطن، لكن همته العالية وعزيمته القوية جعلته ينخرط في قصة كفاح فريدة، دفعت به إلى مقدمة الصفوف الأولى بين كبار رجال الأعمال في الإمارات والمنطقة بشكل عام.

حيث أصبح من أكبر الأثرياء، بعد مسيرة محفوفة بالتحديات حين التقط في مرحلة مبكرة من عمره روح الطموح المتوهجة، التي تسري في مدينة دبي، وقادتها الساعين إلى بنائها ضمن أفضل الظروف والمعايير، فكان لذلك أكبر الأثر في توجيه دفة السفينة نحو البناء والإعمار، وتحقيق الإنجازات، التي نقشت اسم جمعة الماجد في الصفحات الناصعة من دفتر الوطن وسجل الخلود، الذي يحتفظ بأسماء القامات العالية والقلوب المعطاءة.

«آمن ببركة العطاء فتضاعفت نجاحاته، وأسس إحدى أهم مؤسسات ترميم الكتب والمخطوطات في العالم»، في هذه الكلمات يضيء سمو الشيخ مكتوم لحظة العطاء، التي يتميز بها معالي جمعة الماجد، الذي لم ينظر إلى العطاء كونه خياراً سلوكياً نفعياً، بل نظر إليه بنظرة المؤمن، الذي يعرف قيمة العطاء وأثره في تنمية الحياة والرجوع بالبركة على المعطي.

فعادت بركات هذه الرؤية المباركة على مشاريعه بكل خير، وازداد حباً وعطاء لوطنه، فأسس مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث عام،1991 ليكون واحداً من أهم المؤسسات الثقافية في الوطن والإقليم، وخزانة أمينة للتراث المخطوط،.

حيث يقوم بجمع المخطوطات على نحو فريد، ويمتلك أكثر من مليون عنوان ما بين مطبوع ومخطوط، ويتصدى لمهمة في غاية الأهمية هي ترميم المخطوطات، التي تأثرت بفعل الظروف، بحيث أصبح هذا المركز واحداً من مفاخر دبي والوطن، وقِبلة للباحثين من جميع أصقاع العالم، ومنارة معرفية جذبت عقول وقلوب الآلاف من الباحثين، ومنحت دبي إشعاعاً فريداً من الألق الحضاري، الذي يليق بمكانتها الفريدة على خريطة العالم الحديث.

وقبل إنشاء هذا المركز الثقافي المتميز كان معالي جمعة الماجد قد أسس كلية الدراسات العربية والإسلامية عام 1986، لتكون واحدة من مؤسسات التعليم، التي تعنى بتدريس علوم العربية والشريعة.

حيث لاقت نجاحاً رائعاً، وتحملت دوراً ريادياً برعاية كريمة من حكومة دبي قبل أن تتحول رسمياً وتحمل اسم جامعة الوصل، التي أصبحت واحدة من جامعات الوطن المرموقة، وتتميز بأصالة البحث العلمي وجودة التعليم، مما جعلها خياراً مرموقاً لكثير من الطلبة من شتى بقاع العالم، وما زالت تسعى بكل ثقة نحو تحقيق المزيد من التقدم في مسار التعليم الأكاديمي المتميز.

كما كان معالي جمعة الماجد قد أنشأ قبل ذلك المدارس الخيرية الأهلية في دبي عام 1983، لتقديم خدمات تعليمية متميزة لأطفال العائلات ذات الدخل المنخفض، وتعتبر هذه المدارس من المدارس المتميزة في المسيرة التعليمية لدبي، حيث تضم آلاف الطلبة، الذين يدرسون في مرافقها الحديثة، ليكون ذلك وجهاً آخر من وجوه الخير والإنجاز، الذي تتميز به مسيرة جمعة الماجد في خدمة الوطن والارتقاء به.

وفي عام 1989 أسس جمعة الماجد جمعية بيت الخير، التي تهتم بتقديم المساعدة المالية لكل من يحتاج إليها من أبناء الوطن والمقيمين على ثراها المباركة، وكان لها أثر كبير في ترسيخ قيمة العمل الخيري في مجتمع الإمارات، حيث انعكست آثار ذلك على المواطنين والمقيمين بشكل مباشر.

مما كان له أطيب الأثر في المسيرة الرائدة لهذا المعلم الكبير، الذي ينفق بسخاء منقطع النظير، ثم ختم سمو الشيخ مكتوم تلك الكلمة الثمينة بحق معالي جمعة الماجد بقوله: «محطات نجاح عديدة جعلت من جمعة الماجد جزءاً من قصص دبي ونجاحاتها وريادتها، ونموذجاً لتجار دبي، الذين ارتبطت إنجازاتهم الاقتصادية بإنجازاتهم الإنسانية في خدمة المجتمع والناس».

لتكون هذه الكلمات إشادة رفيعة المستوى بالحس الإنساني الفريد لجمعة الماجد، الذي قدم أروع النماذج في العمل والإنجاز والبذل والعطاء، وخط اسمه بكل أصالة وشرف بين أصحاب القامات العالية، بسبب ما قدم لوطنه وأبناء وطنه من أفعال الخير ومؤسسات العطاء، التي حفرت اسمه المبجل في الوجدان الوطني العميق، ووضعته في الصف الأول بين رجال الوطن الكبار.

بقلم: أ. د. محمد

عبد الرحيم سلطان العلماء

Email