ماذا تقول القصيدة للشعراء؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

تزدان الشارقة هذه الأيام، وعلى مدار أسبوع كامل بدفء الشعر وبوح الشعراء، عبر استضافتها فعاليات الدورة الـ19 من مهرجان الشعر العربي، الذي يجمع تحت مظلته 100 شاعر وناقد، ويفرد سجادته وجلساته للشعراء، حيث لا صوت يعلو فوق صوت القصيد، سواء في قصر الثقافة، أو حيثما حلت أمسيات الحدث وأصبوحاته في ربوع الشارقة، وصولاً إلى مدينة خورفكان التي يزداد ألقها بشتائها الربيعي هذه الأيام. 

اجتماع شعراء من مدارس شعرية مختلفة، على تنوعها عربياً، يوفر فضاءات وتجارب شديدة التنوع، يصعب جمعها خارج إطار هذا المهرجان، لكن في المقابل الانحسار الذي شهده حضور الشعر، أمام الألق الذي اكتسبته العديد من فنون النثر، وخصوصاً الرواية، والقوالب العديدة التي رافقت انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، ربما يطرح سؤالاً موجهاً للشعراء أنفسهم، باعتبارهم الأكثر حرصاً على زهو القصيد.. فماذا تقول القصيدة للشعراء يا ترى الآن..في هذا التوقيت؟

هذا السؤال هو في الحقيقة عنوان لقصيدة الشاعرة الإماراتية شيخة المطيري، قرأتها على منصة تكريم المهرجان، بعد تكريمها من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، باعتبارها والشاعر السعودي حسن الزهراني شخصيتي المهرجان الفائزتين بجائزة الشارقة للشعر الشعبي هذا العام. 

وكطبيعة أشعارها أخذت المطيري تساؤلها إلى المساحة الوجدانية، وحالة المناجاة الخاصة جداً التي تقيمها مع كل المفردات التي تحيطها، بما في ذلك القصيد، في حين لم تخف قصيدة ألقاها الزهراني في ذات المناسبة حالة أنين الشاعر من واقعه.

وعلى الرغم أن الشعر ليس فناً جماهيرياً، الآن، ولم يكن كذلك على الأقل طيلة عقود طويلة، باستثناء بعض الشعراء الذين تمكنوا من نسج حالة خاصة مع دوائر واسعة من المتذوقين، إلا أن حالة الزهد في التعاطي مع الشعر، في المحيط العربي، في عصر يوصف الآن بأنه عصر الصورة، بعد أن تم وصفه سابقاً بأنه زمن الرواية، آخذة في الازياد. 

لو تصورنا القصيدة جرياً على الخيال الشعري بمقام من يجوز له توجيه السؤال، وانتظار الإجابة من الشاعر.. فأتصور أن الأخير سيكون مطالباً بحلول يومية تسهم في إعادة وصالها بالناس، ومشاعرهم، وبأن يروا أفكارهم وخيالاتهم وصورهم في أفكاره وخيالاته وصوره، بأسلوب جذاب سلس وسهل، يناسب مداركهم وحاضرهم، فيعبر عن الشاعر ابن مجتمعهم وتراثهم وحاضرهم، لا الشاعر المتقوقع على شيفرات دلالية وتعبيرية تستعصي في كثير من الأحيان على الوصول للمتلقي بأريحية النثر والعديد من الفنون البصرية.

Email