عندما يخطئ أحدهم لا يعترف بخطئه؛ عندما يخطئ أحدهم في تعامله وينظر للناس بتميز وتعالٍ، فيفرق بين هذا وذاك بأسلوب فجّ، فقد يفسر تعامله على أنه محافظة على مكانته الاجتماعية، وغيرها من التبريرات الفاشلة وغير المقنعة. وكما قال الكاتب اللاتيني الذي عاش قبل الميلاد بوبيلوس سيروس: الجبان يزعم أنه حذر، والبخيل يزعم أنه مقتصد. نعم نعاني كثيراً من هذه المشاكل؛ فهناك من يخطئ ومن يرتكب خطأ ولا يعترف به، ولا يظهر ندمه وأسفه على فعله، ويضع التبريرات أمامه، ويمنحها مسميات عديدة، ويضع لها مسببات كثيرة، ولكن ليس فيها ما يعبر عن ندمه أو غلطه. 

من الطبيعي أن نخطئ نظراً لكثرة الأعمال والمهام اليومية، وبنظرة عامة وشاملة على حياتنا وأعمالنا؛ نجد أنه من الممكن أن تحدث الكثير من الأخطاء كتجاوز إجراء محدد، أو عدم تطبيق قانون معين، أو تحويل معاملة لمكان آخر، أو نسيان توقيع معاملة أخرى؛ أخطاء كثيرة تحدث بشكل يومي ونحتاج إلى الدقة والتنظيم في أعمالنا حتى نتلافاها، ولكن أن نظل نبرر الخطأ ونلقي الأخطاء على غيرنا فهذا عين الخطأ. والاعتذار والأسف السبيل أو الطريق الأول لمعالجة هذا الخطأ.. والمشكلة الحقيقية هي رفض البعض الاعتراف بخطئه، وعدم السماح بوضع خط للرجعة كمرحلة أولى لإصلاح الخطأ الذي تم ارتكابه. الاعتذار بحد ذاته فن وأسلوب يجب تعلمه، الاعتذار نحتاجه أحياناً، وبالأخص إذا حدثت مشكلة وتصاعدت، فلا بد من التدخل لوقفها وعدم تصاعدها دون داع. كثيرون يخسرون أصدقاءهم ومجتمعهم وحياتهم، والسبب عدم اعترافهم بالخطأ دون داع.

الخطأ أمر وارد، وفي بعض الأحيان نسمع من يضيف أن الخطأ مفيد للإبداع، ويمكن للإنسان أن يتوصل إلى نتائج مفيدة نظراً لأخطائه وتعلم الدروس المفيدة منها، ولكن ما قيمة الخطأ، إذا لم يستفد منه، بل تكرر مراراً، والمشكلة الأعظم تبريره، لا يوجد ما هو أسوأ من الخطأ إلا تبريره، وأن يسوق أحدهم الأعذار التي تجعلك تشعر بأنه ملاك ولم يرتكب شيئاً. تعلم فن الاعتذار عن الخطأ فهو فضيلة عظمى.