مركز دبي للسلع المتعددة نقطة جذب للأعمال

مع قرب إسدال الستار على عام 2022، اقترب عدد الشركات المنضمة إلى مركز دبي للسلع المتعددة هذا العام من 3000 شركة. وكنت، جنباً إلى جنب مع زملائي في مركز دبي للسلع المتعددة، أفكر في بعض إنجازاتنا كمنطقة حرة، مع التركيز على الكيفية التي يمكن من خلالها تعزيز عملياتنا، وعروض أعمالنا ومجتمعنا ككل، لإضافة قيمة لها جميعاً.

لا يقتصر هذا الأمر فقط على العملاء الحاليين، بل يشمل أيضاً أولئك الذين انتقلوا إلى دبي، مثل كثيرين آخرين، متخذين منها مقراً جديداً لأعمالهم، أو لتوسيع أعمالهم القائمة، أو تأسيس أعمال جديدة. وقد أدركنا في وقت كتابة هذه المقالة، أن منطقتنا الحرة اجتذبت أكثر من 3000 شركة جديدة، محطمة المزيد من الأرقام القياسية منذ بداية عام 2022، حيث كانت قد حطمت رقماً قياسياً في الربع الأول من العام، بانضمام 665 شركة، كما حطمت رقماً قياسياً آخر في النصف الأول من العام، والذي شهد انضمام 1,469 شركة، بزيادة قدرها 19 ٪، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

لم يكن ذلك فقط مشروعاً هائلاً لفريق عملنا الإداري، الذي يستحق التقدير، لضم الشركات بمعدل 12.5 شركة في كل يوم عمل، لمدة عام كامل، بل إنه أيضاً شهادة على قوة مجتمعنا، كمكان موثوق به لممارسة الأعمال التجارية. ومع ذلك، فإن تضافر العوامل، هو الذي جعل مركز دبي للسلع المتعددة، يحقق مثل هذا النجاح في عام 2022، انطلاقاً من البيئة الاجتماعية الأوسع.

لا شك أن دبي كوجهة وعلامتها التجارية، كما طورها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حفظه الله ورعاه، كانت السجادة الحمراء التي يضرب بها المثل لجميع الشركات. في مدينة تشتهر بمستوى المعيشة العالي، والأمان، وسهولة الوصول والرفاهية، فإن دبي كوجهة تسوّق نفسها، ولا تتوقف أبداً عن الترويج لأبرز معالمها وتجاربها.

وأود الإشارة إلى إعلان سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم رئيس مجلس دبي للإعلام، قبل أيام، عن حملة موسم الشتاء «وجهات دبي»، في موسمها الشتوي الثاني، والتي تسلط الضوء على أفضل ما تقدمه الإمارة من المغامرة والترفيه والطعام والفن والثقافة والرياضة واللياقة البدنية، وهو ما يدعم الإحصائية غير العادية، التي تشير إلى أن دبي قد تمت الإشارة إليها في تطبيق إنستغرام، أكثر من 111 مليون مرة، ولديها أكثر الأشياء المتعلقة بفصل الشتاء، التي يمكن القيام بها، التي يتم البحث عنها على غوغل في العالم.

من المؤكد أن طريقة تعامل دولة الإمارات مع جائحة كوفيد 19، كانت ناجحة على نطاق واسع، وكانت أحد الأسباب الرئيسة لعودتها القوية إلى العمل والسياحة كالمعتاد، بما في ذلك، على سبيل المثال، استقبال 1.24 مليون سائح هندي في الأشهر التسعة الأولى من عام 2022.

البناء على رؤية دبي
كوجهة في حد ذاتها، يطمح مركز دبي للسلع المتعددة، إلى محاكاة رؤية دبي باستمرار على نطاق أصغر، وتحديداً، من خلال جعل مجتمع أبراج بحيرات جميرا وجهة جذابة قدر الإمكان، ليس فقط للأعمال، بل أيضاً لنحو 60,000 مقيم يستفيدون من العديد من المحلات التجارية والمطاعم والفنادق والصالات الرياضية. وهذا أحد الأسباب التي دفعتنا إلى إطلاق حملة «حي مليء بالروح»، لتسليط الضوء على نمو الأحياء، ووضعها كمجتمع متعدد الاستخدامات.

وتشمل المشاريع الأخرى، إطلاق دي إم سي سي لاونج، وهو فكرة تم تنفيذها في برج الماس، تسمح للمستفيدين بتجربة العديد من أنواع الشاي والقهوة عالية الجودة، التي يتم استيرادها من خلال مجتمعنا.

من المؤكد أن قدرتنا الثابتة على توفير بيئة نمو قوية، مع الحفاظ على أفضل الممارسات الدولية، من حيث التنظيم، قد أسهمت أيضاً في حصولنا على العديد من الجوائز، بما في ذلك اختيارنا كأفضل منطقة حرة في العالم، للعام الثامن على التوالي، بينما بلغ حجم التداول في الأعمال التجارية، مثل بورصة دبي للماس، 19.8 مليار دولار، في النصف الأول من عام 2022.

قد يكون هذا المستوى من اتساق الأعمال، هو ما دعم التأجير المسبق لجميع المساحات المكتبية في برج أبتاون قبل اكتماله.

من العوامل الأخرى التي ساهمت في تعزيز نمو مركز دبي للسلع المتعددة، التزامه بالتقدم والابتكار. كمنطقة حرة ولدت من رحم صكوك ذهبية، كان إطلاق عملاتنا الذهبية من عيار 24 في وقت سابق من هذا العام، بمثابة تطور مناسب لمجتمع يدين بانطلاقته لهذا المعدن الثمين، والذي تشمل منتجاته في بورصة دبي للذهب والسلع حالياً، عقود الذهب حسب الشريعة، وعقود كوانتو الروبية الهندية، وعقود الذهب اليومية، والعقود الآجلة للذهب المادي، وعقود الذهب الفورية.

وتشمل الابتكارات الإضافية في عام 2022، اتفاقية مدتها خمس سنوات مع فينميت (FinMet)، ومقرها الهند، والتي ستدعم إطلاق منتجات الذهب الأخرى، وتسهيلات لتجار السبائك لجمع الأموال قصيرة الأجل، من خلال عقود الذهب الجديدة، والموافقة التي حصل عليها سوق دبي المالي من هيئة الأوراق المالية والسلع، للسماح لشركات الوساطة المرخصة في البورصة، بأن تصبح أعضاء في مشتقات سوق دبي المالي، وأن تقدم خدماتها في السوق لأول مرة.

كما قام مركز دبي للسلع المتعددة، بعملية تحول رقمي لتداول الذهب، من خلال ترميز سبائك الذهب كومتيك (Comtech)، بدعم من منصة ترايدفلو التابعة له، ما يسهّل التداول، ويضيف المزيد من الأمان والشفافية، ويدعم تخصيص الأصول الحقيقية. وبالمثل، أتاحت شراكة مركز دبي للسلع المتعددة، مع منصة الذهب الرقمية الرائدة في آسيا، سيف جولد (SafeGold)، الوصول الرقمي إلى استثمارات الذهب، ما وفر منظومة جديدة تتيح الازدهار والانتعاش مع سوق الذهب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي تبلغ قيمته 20 مليار دولار.

المزيد من العمل مع الذهب
بصرف النظر عن أحجام التداول القياسية التي سجلتها منصة ترايدفلو، التابعة لمركز دبي للسلع المتعددة، فقد وفرت المنصة ضمانات لكل من القهوة والماس، ما يوفر للعملاء إمكانية الوصول المباشر إلى التمويل التجاري، في حين أن وضعها كمنصة تسجيل لتجارة الذهب الاتحادية، يوفر المزيد من الدعم لمكانة دبي، كمركز عالمي للمعادن الثمينة.

أما في مركز الكريبتو، التابع لمركز دبي للسلع المتعددة، فيمكن للأعضاء الآن الوصول إلى صندوق تسريع برينك (Brinc)، بقيمة 150 مليون دولار، ما يدعم نمو الشركات على المدى الطويل في قطاعي ويب 3 (Web3) والبلوك تشين. ولدعم مستقبل أكثر شفافية، وتعزيز اللامركزية، وقع مركز دبي للسلع المتعددة أيضاً، مذكرة تفاهم مع مدينة بوسان الكورية الجنوبية، للتعاون لصالح صناعة البلوك تشين العالمية، واعتماد تقنيات البلوك تشين وويب 3.

إن قدرة مركز دبي للسلع المتعددة على الاستماع إلى السوق، وتوفير البيئة أو الخدمات التي يريدها الناس، لا سيما تلك التي تتيح للشركات ذات التفكير المستقبلي تحقيق النمو، هي في صميم الحمض النووي للمركز. وبفضل هذه الفلسفة، تشمل أبرز الإنجازات في عام 2022، إعلان معهد الأحجار الكريمة الأمريكي، عن إنشاء مختبر بمساحة 41000 قدم مربعة على طابقين، في برج أبتاون، كجزء من اتفاقية مدتها تسع سنوات، مع توفير 500 وظيفة جديدة للكفاءات.

في الوقت ذاته، تقدم التزام مركز دبي للسلع المتعددة، بمستقبل مستدام، خطوة أخرى إلى الأمام، من خلال مجموعة مشاريعه، بما يتماشى مع استراتيجية دبي للطاقة النظيفة والانبعاثات الكربونية الصفرية 2050.

تعريف العالم بنا
يتمثل أحد المحاور الأساسية الأخرى للنمو المستمر لمركز دبي للسلع المتعددة في قدرته على التعاون، ولم يكن عام 2022 استثناءً، فخلال الأشهر الاثني عشر الماضية، نفذ مركز دبي للسلع المتعددة، حملات ترويجية في البرازيل والولايات المتحدة وفرنسا وبولندا وموناكو والهند، كما وقع العديد من مذكرات التفاهم مع عدة منظمات، من بينها غرفة التجارة في بروكلين وفريش ووتر النرويج.

تشمل المعالم البارزة الأخرى، استضافة مركز دبي للسلع المتعددة 250 من قادة الأعمال الإسرائيليين، خلال الشهر الماضي فقط، وهي علاقة ثنائية، قدمت قيمة كبيرة للتجارة. ويشمل ذلك 188 مليون دولار من الماس الخام من إسرائيل إلى الإمارات في عام 2021، وهو رقم سيزداد بلا شك، بعد اتفاقية التجارة الحرة التي تم توقيعها في شهر يونيو الماضي.

نتيجة لهذا النوع من التواصل، ضاعف مركز دبي للسلع المتعددة، عدد الشركات الصينية التي تم تأسيسها على مدى السنوات الخمس الماضية، مع وجود ما يقرب من 12 % من جميع الشركات الصينية في الإمارات، في مركز دبي للسلع المتعددة. ويشمل تركيزه الخارجي على تطوير منتجات ومجالات جديدة للتجارة معها، إنشاء أول منطقة حرة في أمريكا اللاتينية، بموجب القانون الإنجليزي العام، ومقرها في كارتاخينا بكولومبيا، وإنشاء ممر تجاري افتراضي وفعلي جديد، بين الأمريكتين والإمارات.

روح الريادة
بالمجمل، أنا فخور للغاية، بالجهود التي بذلها فريق مركز دبي للسلع المتعددة بكامله، وقدرته على التكيف والتحرك بسرعة، تحت الضغط، مع الحفاظ على الوعي في عالم سريع التغير. في حين أن هناك جزءاً مني يرغب في رؤية إجمالي عدد الشركات الجديدة لدينا، يصل إلى أكثر من 3000 شركة قبل 31 ديسمبر، إلا أنني مقتنع بأننا كفريق، عملنا بنجاح على دعم النمو المستمر لإمارة دبي، وتعزيز مكانتها، باعتبارها مركزاً عالمياً للتجارة.

من قبيل المصادفة، أنه قبل أيام قليلة، توفي بطل القفز بالمظلات الأمريكي، جوزيف كيتينجر، عن عمر ناهز 94 عاماً، وهو أول رجل يقفز من طبقة الستراتوسفير على الأرض في عام 1960، بسرعات تجاوزت 600 ميل في الساعة، من ارتفاع 102.800 قدم. بينما لم يكتسب شهرة رواد الفضاء الذين جاؤوا بعده، إلا أن شجاعته والتزامه بتعزيز عالمنا، مهدا الطريق لأولى رحلات الفضاء المأهولة الأمريكية، والتي غيرت مجرى تاريخ البشرية.

إنني أطمح وآمل أن يتمكن مركز دبي للسلع المتعددة، من الاستمرار في تمهيد الطريق للأجيال القادمة، بنفس روح الريادة، وأن يصبح الأساس الذي يمكن لأصحاب العزيمة الحقيقية والنزاهة، تحقيق النجاح بناء عليه.