الآخرون لهم تأثير كبير في حياتنا، وربما نحتاج إلى حضورهم في أشد المواقف، التي تمر بنا سواء إيجابية أو سلبية، فالإنسان كائن اجتماعي، لا يمكن أن ينفصل عن مجتمعه وأسرته وأصدقائه، لذلك فإن اتصالاتنا وعلاقتنا الاجتماعية وروابطنا مع الآخرين هي بمثابة جسر، يمكننا الاستفادة منه في تجاوز المطبات الحياتية؛ فالناجح سوف تجده شخصا اجتماعيا لديه أسرته وأصدقاءه الذين يدعمونه بالنصح والمشورة والتوجيه ويرفعون بروحه إلى الإيجابية، هؤلاء لاشك بأنهم محظوظين وساعدتهم الظروف على تحقيق النجاح بواسطة دعم الآخرين ومحبتهم ولكن لننظر إلى الاشخاص المتكاسلين والمهملين وغير الناجحين؛ يغلب عليهم اللامبالاة والرغبة في تضييع الوقت دون فائدة والتسلق على أكتاف الآخرين هؤلاء لو طلبت نصيحة من أحدهم بما سيجيبك وينصحك؟ إن فاقد الشيء لا يعطيه؛ الإنسان بمن يرافق ويصاحب، فإن كانوا أبطالاً مبتكرين مبدعين فلن يذهب بعيداً عنهم؛ أما لو كانوا محبطين منزوين ليس لديهم أهداف فإن هذا الإحباط سوف يتلبسه، لذلك أحرص على اختيار صحبك ورفاق دربك فإما أن يرتفعوا بك إلى السماء أو ينزلوا بك إلى سابع أرض؛ كثيرون يغيرون من طبائعهم وطرق تفكيرهم لتتناسب مع الآخر بهدف الاتفاق معه، هذا أيضا خطأ، فعندما يحاول أحدنا تقليد الآخرين أو التماشي معهم على حساب قدراته وشخصيته وأفكاره وإبداعه ووجهات نظره، فإنه يلغي شخصيته ويحكم على نفسه بالفشل وعدم القدرة على مواجهة الآخرين. 

أتمنى أن لا يفهم من كلامي إنني أدعو للتصادم مع الآخرين والاختلاف معهم؛ بل هي للاختلاط معهم وفهم دوافعهم فيما يفعلونه، إنها دعوة لفتح ذهنك للتعلم والاستفادة من مختلف التعاملات والمعاملات اليومية على مستوى الأسرة والزملاء والعمل وغيرهم.

عندما سئل بول بوينتون، وهو خبير توظيف، عن الأخطاء في المقابلات الوظيفية التي قد يواجهها البعض قال: «إن أكبر خطأ يرتكبه طالبو العمل هو أنهم لا ينطلقون على سجاياهم، فبدلاً من أن يتحدثوا بصراحة عن أفكارهم وآرائهم، يحاولون أن يعطوك أجوبة يعتقدون أنك تريدها، لكن ذلك لا يفيد، لأن ما من أحد يريد عملة مزيفة».

ليس المطلوب منا تقليد الآخرين ولا السماح لهم بالتأثير علينا بل لابد أن نكون على سجيتنا ووضوحها ونعبر عن أفكارنا وإبداعنا وننطلق بكل قوة وهمة لنحاول أن نقدم كل شيء جديد للمجتمع والناس، فهذا ما يحتاجونه وهذا ما نريده، وليس الاتفاق معهم وهزّ الرأس بالإيجاب، فأنت تملك العقل والفكرة والروح والإبداع والانطلاق والمعرفة وغيرها وهذا يحتاجه الآخرون منك فلا تلغي ذاتك.