العطاء حياة

ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك فضيلة كبرى وذات فائدة عظيمة، وهي العطاء، فعندما تقرر أن تكون شخصاً معطاءً للآخرين، وتقدم لهم يد المعونة، فأنت شخص كريم جواد، ولكن ما يحدث اليوم أن هناك تنكّراً واضحاً وأنانية لهذه المفردة والفضيلة، التي استُبدل بها الجشع والبخل، طبعاً لا أريد أن أعمم، ولكن ما نراه اليوم في عالمنا أن هناك صفات غلب عليها الطمع والرغبة في الثراء، وبالتالي أصبح البخل عادة لديها. 

ولكن ماذا لو قررت أن تغير هذه العادة في مجتمعك، ونظرت إلى نتائج العطاء وأثره النفسي عليك وعلى محيطك، حتماً ستجد قصصاً كثيرة يمكن أن ترى من خلالها تأثيراً إيجابياً، وهذا الأمر ألمسه بنفسي في العديد من المجالس والمناسبات التي ألتقي فيها بالكثيرات من الصديقات اللواتي يقمن بالمساهمة في تبني الكثير من المشاريع الخيرية في التبرع والكفالة وبناء المساجد ومساعدة المحتاجين، سواء داخل الدولة أو خارجها. إن العطاء كالعطر إذا سعيت له فسوف ينتشر وتفوح رائحته، ويشاركك الجميع وتكون لهم القدوة والنموذج الأمثل. 

يقول الكاتب والشاعر الأمريكي رالف والدو إمرسون: من بين المزايا الجميلة لهذه الحياة أنه ما من أحد يحاول بإخلاص مساعدة شخص آخر إلا ويساعد نفسه. لهذا أنا مؤمنة دائماً أن من يقوم بفعل الخير فسوف يرتد على صاحبه، والأعمال الخيّرة ومحاولة التخفيف عن الآخرين في كربهم وضيقهم، كلها أعمال تسهم في جذب السعادة والراحة النفسية، وسوف تتزايد مشاعر الاحترام من قِبَل الآخرين، لذلك فإن العطاء لا ينحصر فقط في الجوانب المادية كالنقود والهدايا والطعام، لكنّ هناك مفهوماً واسعاً وعميقاً، فالعطاء يحمل معاني عميقة، مثل الاهتمام والحب والصداقة والإيثار والدعاء والمشاركة والسؤال، كلها مفاهيم تدخل في العطاء وتجعل منه حياة تنبض بالقيم. 

العطاء ليس للأغنياء، فهناك عطاء يمكن أن تقدمه بكل بساطة، وهو كالأمانة والإخلاص ومساعدة الآخرين والوقوف معهم في المحن والكرب والشدائد، ونحوها من فضائل لا دخل لمستوى المعيشة أو الدرجة المادية بها، ونتذكر حديث الكاتبة الألمانية آن فرانك: لم يصبح أي شخص فقيراً بسبب عطائه. ببساطة العطاء قيمة إنسانية مشاعة للجميع، ويمكن لأي شخص أن يمارسها في كل زمان ومكان، وهي غير محددة بمناسبة. لنتعود على فضيلة العطاء، فهي فضيلة توجِد حياة صحية في مجتمعنا، وتحثنا على العمل وفق مبادئ وفضائل عدة، تكون ارتداداتها الإيجابية علينا وعلى أحبتنا عميقة وجميلة.

Email