ما بعد عرس الشارقة السينمائي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تكبر خبرات الشباب وتنضج بحجم التجارب التي يتعرضون لها، بفعل تراكمها، والاستفادة من عبراتها، والمرور من مرحلة إلى أخرى، وقد تحققت بعض الطموحات، أو جلّها، أو حتى اليسير منها، بعد أن اجتازوا في الطريق عقبات ومصاعب، وتعلموا دروساً ومهارات، تفيدهم في قادم التجارب.

لا يختلف درب الإبداع في هذا الجانب، عن درب الحياة، فالتجارب واكتساب الخبرات، والمثابرة، وامتلاك إرادة الفعل، والوصول إلى الهدف، ووجود بيئة مواتية ومحفزة، كلها مقومات للنجاح، وتحقيق المستهدف، حتى وإن لم يدرك كله، أو تأخر تحقيقه.

ومنذ أيام قليلة أسدل مهرجان الشارقة السينمائي، الستار على فعاليات دورته الـ13، والتي جاءت لتؤكد عودة الحياة لهذا المهرجان الذي حافظ على كونه مساحة مهمة وثرية للأطفال والشباب والطلبة، بعد تجاوز تداعيات جائحة كورونا، لينجح خلال 6 أيام فقط في استقطاب 30 ألف مشاهد، لأعمال الكثير منها من صنع الطلبة والشباب، وبعضها مثل محاولات أولى لأطفال أصحاب مواهب سينمائية، بالإضافة إلى أفلام الرسوم المتحركة والوثائقية والروائية الطويلة، والقصيرة، والأفلام التوعوية ذات الصلة بالاستدامة البيئية.

كان الشباب والناشئة بصدد مهرجان متكامل الأطراف، قبل أن ينفض سامر الحالة الكرنفالية المحتفية بالفن السابع، ويبقى السؤال العملي، والجوهري، الذي يفرض نفسه أمام أصحاب المواهب التي استوعبتها مظلات مهرجانات السينما المتعاقبة في الإمارات. ماذا بعد العرس السينمائي، وورشه العملية وجلساته وحواراته المهنية، وعروضه الممتعة والمفيدة؟

منصات المهرجانات بكل تأكيد ليست هي المخولة بالإجابة عن هذا السؤال، وهي الساعية إلى إيجاد حراك سينمائي محفز ومستوعب للفئات المستهدفة، لا سيما المواهب الشابة والناشئة في حالة مهرجان الشارقة السينمائي، فاستيعاب المواهب الشابة وتنميتها ووضعها على الطريق الصحيح، بحاجة إلى رؤية استراتيجية مستدامة، مرتبطة بشكل مباشر بالمؤسسات المعنية بالثقافة والفنون، على تنوعها، بما فيها، وربما على رأسها المؤسسات ذات النفع العام، وليس أولى بالنفع والدعم والاحتضان والتوجيه الثقافي والفني من الشباب، والناشئة.

الأمر لا يمكن أن يقتصر على إنشاء «ناد للسينما» يجتمع أعضاؤه كل عدة أشهر، ولا يكفي لأن يتم توجيه الدعوة لمشاهدة فيلم محلي تم عرضه قبل سنوات، وموجودة نسخه على منصة «يوتيوب»، وإذا كان الكثيرون يتساءلون عن سبب غياب الفيلم الإماراتي عن شاشات العرض الرقمية، فإن السؤال الذي يجب أن يتقدم بعد كل هذا الكم من المهرجانات التي تتابعت محلياً، بدءاً من مسابقة «أفلام من الإمارات»، منذ مطلع القرن الحالي، وصولاً إلى أحدثها، «العين السينمائي»، الذي يستهدف كذلك صناع الأفلام الشباب، ويتجه لدورته السادسة في فبراير المقبل، يجب أن يكون مرتبطاً بالرعاية والدعم والاحتضان الذي يجده أصحاب المواهب، بعد ليالي المهرجانات الختامية.

Email