عوارض الأهلية ودورها في بطلان التصرفات القانونية

ت + ت - الحجم الطبيعي

الأهلية هي صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات وإبرام التصرفات القانونية التي تكسبه حقاً أو تحمله التزاماً وهي نوعان: أهلية الوجوب وأهلية الأداء. 

ويقصد بأهلية الوجوب الصلاحية لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات وتثبت لكل الأفراد منذ الميلاد بغض النظر عن السن أو مدى الإدراك والتمييز لدى الشخص فتثبت للصبي غير المميز وللمجنون، بل إنها تثبت للجنين في بطن أمه، ولكن تكون أهلية وجوب ناقصة تؤهل الجنين لاكتساب بعض الحقوق، وأما أهلية الأداء فتعني قدرة الشخص على إبرام التصرفات القانونية التي تكسبه حقاً أو تحمله التزاماً كالبيع أو الهبة أو الإيجار، ويقصد بالتصرف القانوني اتجاه الإرادة إلى إحداث أثر قانوني معين، وهذا يعني أن الإرادة هي قوام التصرف القانوني.

ويمكن القول إذاً، إن مناط أهلية الأداء هو الإدراك والتمييز، فإذا طرأ عليهما ما ينقص منهما ويعدمهما تنطبق على الشخص الأحكام المتعلقة بانعدام الأهلية أو نقصها على حسب الأحوال، وعوارض الأهلية إما تصيب العقل «الجنون والعته» وهي ما تعدم الأهلية، وإما تصيب التدبير «السفه والغفلة» وهي تنقص الأهلية. 

وتناول قانون المعاملات المدنية وتعديلاته الأهلية وعوارضها في المادة رقم «85» فنص على أن كل شخص يبلغ سن الرشد متمتعاً بقواه العقلية ولم يحجر عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المنصوص عليها في هذا القانون والقوانين المتفرعة عنه، ويبلغ الشخص سن الرشد إذا أتم 21 سنة قمرية.

كما نصت المادة «86» من ذات القانون على أنه لا يكون أهلاً لمباشرة الحقوق المدنية من كان فاقداً التمييز لصغر في السن أو عته أو جنون، وكل من لم يتم الـ 7 يعتبر فاقداً للتمييز، ونصت المادة «87» من ذات القانون على أن كل من بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد وكل من بلغ سن الرشد وكان سفيهاً أو ذا غفلة يكون ناقص الأهلية وفقاً لما يقرره القانون. 

 

مبادئ 

وسن المشرع المبادئ الرئيسية في الأهلية باعتبار أن أهلية الأداء هي إحدى خصائص الشخص الطبيعي، فالإنسان إلى سن الـ 7 يكون فاقداً للتمييز وبالتالي معدوم الأهلية، ومن الـ 7 إلى سن الرشد وهي 21 سنة قمرية كاملة يكون متمتعاً بقواه العقلية واستكمل التمييز، وبالتالي اكتملت أهليته، كل هذا ما لم يصب بعاهة الغفلة والسفه والعته والجنون فيفقد التمييز ويفقد معه الأهلية، ويتبين من ذلك أن الأهلية ترتبط بالتمييز فتوجد بوجوده وتنعدم بانعدامه.

وقسم المشرع حياة الإنسان من حيث الأهلية لـ 3 مراحل، المرحلة الأولى مرحلة انعدام الأهلية «من كان فاقداً للتمييز لصغر في السن» ويقل عن 7 سنوات «أو عاهة أو غفلة»، وهنا أي تصرف يبرمه الصبي غير المميز يعتبر باطلاً بطلاناً مطلقاً ولا يترتب عليه أي أثر قانوني فهو منعدم بحيث يعتبر كأن لم يكن وبالتالي تنعدم آثار التصرف القانوني الذي يكون طرفاً فيه، وجواز التمسك بالبطلان من كل ذي مصلحة والتصرف الباطل بطلاناً مطلقاً لا تصححه الإجازة اللاحقة سواء من الصبي غير المميز أو من الولي أو الوصي.

وأما المرحلة الثانية فهي «نقص الأهلية» وهنا فرق الفقه في حكم التصرفات القانونية الصادرة عن القاصر بين أنواع التصرفات القانونية التالية أولاً: التصرفات النافعة نفعاً محضاً وهي تعتبر صحيحة منتجة لآثارها القانونية، حيث تتوافر لدى القاصر أهلية الأداء اللازمة لمباشرتها، وثانياً: التصرفات الضارة ضرراً محضاً وهي تعبر باطلة بطلاناً مطلقاً ولا يترتب عليها أي أثر قانوني، حيث لا تتوافر لدى القاصر أهلية الأداء اللازمة لمباشرتها، وثالثاً: التصرفات الدائرة بين النفع والضرر فللصبي غير المميز بخصوص هذا النوع من التصرفات أهلية أداء ناقصة، حيث تعتبر التصرفات الدائرة بين النفع والضرر والتي يباشرها ناقص الأهلية باطلة بطلاناً نسبياً أو قابلة للإبطال، والتصرف الباطل بطلاناً نسبياً ينتج آثاره القانونية بين طرفي العلاقة وفي مواجهة الغير، إلا أنه تصرف مهدد بالزوال، حيث يجوز للقاصر بعد بلوغه سن الرشد أن يطلب إبطال هذا التصرف الباطل بطلاناً نسبياً كما يجوز ذلك لوليه أو وصيه، إلا أن هذا الحق في التمسك بالبطلان يزول إذا أجاز الولي أو الوصي أو المحكمة التصرف الذي أبرمه ناقص الأهلية أو إذا أجازه القاصر بعد بلوغه سن الرشد، وإذا حكم ببطلان التصرف القابل للابطال فإنه ينقضي بأثر رجعي بمعنى أنه يعتبر كأن لم يكن بالنسبة للماضي والمستقبل، وأخيراً المرحلة الثالثة وهي مرحلة كمال الأهلية، وهي تبدأ ببلوغ الشخص 21 سنة قمرية وتنتهي بإنتهاء الشخصية القانونية بالموت، فإذا بلغ الشخص سن كمال الأهلية ولم يصبه عارض فإنه يعتبر أهلاً لمباشرة كل أنواع التصرفات القانونية.

Email