خارطة «منتدى الإعلام» والروشتة

ت + ت - الحجم الطبيعي

«منتدى الإعلام العربي» خارطة طريق وروشتة طبيب. عودة المنتدى، قبلة الإعلاميين ومؤشر المهنيين، هذا العام بعد عامين من كورونا لم تكن عادية، بل استثنائية في واقعيتها وعمقها.

وحيث إننا في زمن استثنائي، فإن العودة الاستثنائية جديرة بنا وبأحوالنا. سنوات قليلة في عرف الزمن العادي، لكن طويلة بمقياس الزمن الرقمي، والمحتوى الذي ينتجه أشخاص «رقميون» ينصب نفسه ملكاً فوق رؤوسنا. جانب من المحتوى ربما يكون جيداً أو حتى ممتازاً، لكن جانباً ليس قليلاً منه ألحق بنا أضراراً لا طاقة لنا بها وبما تبثه من سموم فكرية وفيروسات معلوماتية تجعل التفرقة بين الصالح والطالح أمراً صعباً على خبراء الإعلام، فما بالك بالمتلقي العادي. وباتت الغالبية غارقة في طوفان معلوماتي بلا مصداقية.

مصداقية «منتدى الإعلام العربي» - الذي أقيم تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وبحضور سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مجلس دبي للإعلام، تكمن في قدرته على تحليل المشهد واستشراف ما يمكن أن تؤول إليه الأمور بناءً على معطيات ومؤشرات. هذه القدرة التحليلية والاستشرافية العلمية نجحت على مدار ما يزيد على عقدين في رسم معالم الطريق الإعلامي لمئات المؤسسات العربية وآلاف الصحافيين والإعلاميين والمهتمين بالمشهد الإعلامي العربي.

المشهد الإعلامي العربي يواجه العديد من التحديات، منها ما هو سياسي، ومنها الاقتصادي والتدريبي والاجتماعي وكذلك التقني. ورغم اختلاف حجم وثقل المشكلات من دولة عربية إلى أخرى، إلا أن أوجه التشابه أكثر. وبالتالي، فإن النقاش الذي يضم ممثلين عن الإعلام العربي من المحيط إلى الخليج هو أنجع وأسرع وأفضل السبل للنجاة والنجاح.

«الحوار وتبادل الأفكار حول القضايا التي تشكل هاجساً للقائمين على العمل الإعلامي في المنطقة العربية على أفضل سبيل لمعرفة مجمل التحديات وتشارك متطلبات وأساليب النهوض بإعلام المنطقة مع اكتشاف ما تحمله التحديات من فرص»، هكذا تؤكد دوماً «دينامو» المنتدى منى غانم المرّي، رئيسة نادي دبي للصحافة رئيسة اللجنة التنظيمية لمنتدى الإعلام العربي.

ومن حظي بفرصة التعرف إلى روح وكيان «منتدى الإعلام العربي» يعرف أنه منتدى متكامل. فهو لا يناقش مشكلات الإعلام وتحدياته في معزل عن مكونات البيئة التي يعمل فيها، ولكنه يتعامل مع الكيان الإعلامي باعتباره كائناً حياً ينمو وقد يمرض، يتعافى ويواجه المزيد من التحديات، يؤثر في السياسة ويتأثر بها، ويبحث عن نموذج اقتصادي كفء ولا يستثني نفسه من الدخول في مجالات جديدة سواء أكانت تقنية أم نماذج اقتصادية مثل الشركات الناشئة.

علاقة استثنائية تنشأ في كل مرة بين المشاركين العرب وغير العرب من جهة، وبين المنتدى من جهة أخرى. فالمنتدى بتنظيمه ومحتويات جلساته وورشه ومناقشاته لا تكل أو تمل من إبهار الجميع. وهو لا يقوم على انبهار لحظي، بل هو انبهار يبقى مع بقاء الأفكار والحلول والاستشرافات، بالإضافة إلى آثار فتح الأبواب الفكرية المغلقة عبر أطروحات لم تكن في الحسبان.

حسابات السياسة وآثارها على الإعلام غالباً يتم تجاهلها في الكثير من المحافل الإعلامية. لكن في «منتدى دبي للإعلام»، الوضع يختلف. المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات الدكتور أنور قرقاش ألقى العديد من الأحجار في مياه السياسة الجامدة.

غلبة العقل والمنطق في عالم يبدو كأنه خلا من كليهما أمر صعب. لكن هذا ما فعله الدكتور أنور قرقاش بحديثه عن حفاظ الإمارات على التوازن فيما يختص بحرب روسيا في أوكرانيا، حيث الغلبة ينبغي أن تكون للقانون الدولي والحل السياسي لا الانصياع لمعسكر على حساب آخر. التركيز على الاقتصاد وتنوع روافده، والحفاظ على التنافسية، وبناء الجسور التي اهتزت تحت وطأة أزمات العقد الأخير تلخص موقف الإمارات في ظل التحديات العالمية والإقليمية العديدة. اتجاه الإمارات لـ«تصفير مشكلاتها» مع الجميع والحاجة إلى بناء وتعزيز الشراكات هو صميم الأجندة الإيجابية والعمل التنموي لدولة الإمارات، حسبما أكد قرقاش.

وما من أجندة إيجابية وعمل تنموي إلا وتكون آثارهما واضحة جلية في الإعلام.

إعلام العالم العربي لا يواجه تحديات باتت كلاسيكية حيث منافسة صناع محتوى جذبوا ملايين المتلقين بعيداً عن الإعلام المهنية وما يطرحه ذلك من تحديات نشر الأكاذيب والأخبار المغلوطة وتخريب الوعي المجتمعي فقط، أو مشكلات اقتصادية لضمان بقاء المؤسسات الصحافية، ولكن التقلبات السياسية العالمية هي الأخرى تشارك في التهديد والتأثير. وما من مخرج لكل ما سبق إلا بـ«تصفير» الحسابات والمضي قدماً إلى المستقبل برؤية واضحة لتوازنات المصالح ورفاه الشعوب والجمع بين أصالة القديم ومهنيته وإمكانات الجديد وكفاءته.

Email