«الإخوان».. سقوط فكري وفشل واقعي

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد تيار الإخوان منذ نشأته في عشرينات القرن الماضي أنه يحمل فكراً راديكالياً متعصباً سوداوياً، مصادماً لتعاليم الدين الحنيف، ومعادياً للمجتمعات والأوطان، يقوم في أساسه وجوهره على أجندات سياسية تستهدف الوصول إلى سدة الحكم، وتتخذ الشعارات الزائفة ستاراً لها، من دون علم ولا فقه في الدين، ومن دون مصداقية ولا نزاهة في التعامل مع الناس.

لقد رأينا «الإخوان المسلمين» في السنوات الماضية وهم يحاولون بكل الطرق الوصول إلى سدة الحكم في دول عدة، ويعملون على تغرير الناس واستقطابهم لصالح مشاريعهم السياسية، تارة بالشعارات الدينية، وتارة أخرى بالشعارات المدنية، فانكشف للجميع عياناً أن الهدف الأول والأساس لهذا التيار هو سياسي تماماً.

وأن مقصده الذي يسعى إليه هو الحكم، وهو ما تؤكده البنية الفكرية للتنظيم التي تجعل قضية استرداد الخلافة والحكم الهدف الأكبر الذي يجب العمل له، ويؤكده كذلك الواقع العملي الذي سلكه التنظيم، وخاصة عقب ما سمي بالربيع العربي، حيث كرس التنظيم بمختلف فروعه جهوده للتأليب ضد الأنظمة وإسقاطها، وتقديم نفسه بديلاً لها.

وقد حاول تيار الإخوان إخفاء أطماعه السياسية في فترات الضعف ومرحلة ما قبل التمكين، مدعين أنهم فقط تيار إصلاحي ودعوي، وأنه ليست لديهم أية مآرب سياسية خفية، ولكنهم سرعان ما سقطوا وانفضحوا عندما ظنوا أن الجو مهيأ لهم وأن وقت التمكين قد حان! وعندما تسقط المصداقية والنزاهة ويأتي الخداع والتآمر يسقط كل شيء!

إن المعضلة تكمن في البنية الفكرية والأيديولوجية للتنظيم، ذلك الذي يجعل أي محاولة لاحتواء هذا التيار أو ترويضه في مهب الريح، إذ لا يتأتى أي احتواء إلا بنسف وتفكيك البنية الفكرية والأيديولوجية والحزبية لهذا التنظيم، ونسف التوجه الإخواني الذي يستنسخ من فكر الخوارج منهجاً دينياً وسياسياً، مما يعني بكل وضوح هدم التنظيم نفسه! وقطع روافد هذا الفكر عن جذوره، وتفكيك أفكار حسن البنا وسيد قطب ومنظري الإخوان، وإعلان القطيعة التامة معها.

وترتبط البنية الفكرية والأيديولوجية للإخوان ارتباطاً وثيقاً بالعنف والإرهاب، وهو ما يمثل أحد التهديدات المباشرة للدول والمجتمعات، والأمثلة على ذلك عديدة، سواء ما يتعلق من ذلك بالذراع العسكرية للتنظيم أو ما يسمى بالنظام الخاص الذي نشأ في زمن حسن البنا، وما قام به عبر تاريخه من أعمال العنف والاغتيال.

وكذلك ما نشأ عن هذا التنظيم في الوقت الحاضر من جماعات مسلحة أججت نيران الصراعات في العديد من مناطق الصراع، وكذلك ما خرج من عباءة هذا التيار من تنظيمات إرهابية عاثت في الأرض فساداً، متأثرة بالانتماءات السابقة لهذا التيار وأفكار منظريه، وهو ما يدعمه ويغذيه أجندات هذا التنظيم الذي يسمح باللجوء للقوة، بل ويعتبرها وسيلة مشروعة لتحقيق الأهداف.

حيث يعتبر حسن البنا أن عوامل قوة التنظيم تتمثل في ثلاثة عوامل أساسية، وهي: القوة الأيديولوجية، والقوة التنظيمية، وقوة السلاح، وقال: «ولا يصح أن توصف جماعة بالقوة حتى تتوفر لها هذه المعاني جميعاً»، وهو ما يؤكد السقوط الفكري للتنظيم، وأنه لا يقل سوءاً عن التنظيمات المتطرفة التي تجعل العنف خياراً من خياراتها لبلوغ أهدافها المنشودة، سواء أخفى التنظيم ذلك في مرحلة، أو أظهره في مرحلة أخرى.

وإذا تكلمنا عن الإخوان فإننا نتكلم عن الخلايا السرية وما يسميه الإخوان بنظام الأسر، ونتحدث عن الولاء للتنظيم، وهدم القيم الوطنية، والتبعية المطلقة لمكتب الإرشاد، وهو ما يعني أن مجرد وجود هذا التنظيم في أي مجتمع يمثل خطراً على أمنه واستقراره، واختطافاً لأبنائه وشبابه، وفتحاً لأبواب التآمر ضد مؤسساته، وتغذية للمجتمع بالتكتلات السرية التي قد تنقلب في أي وقت إلى ذئاب متوحشة تُفجّر وتزمجر، ولذلك لم يكن مستغرباً أن تقوم دول عدة بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين على أنها منظمة إرهابية، لما تمثله من خطورة على أمنها واستقرارها.

ومع ما أتيح للإخوان من الوصول إلى سدة الحكم في الفترة الماضية في بعض الدول فقد أكدوا أنهم غير مؤهلين لذلك إطلاقاً.

فقد رأينا فشلهم في الأداء السياسي، وافتقارهم لأي مقوم لإدارة الدولة، وانتهاجهم نهج الإقصاء والتفرد، وخلقهم للأزمات الداخلية والخارجية، بل وانقساماتهم وتصدعهم الداخلي، مما يعني أنهم ليسوا سوى أداة لخلق الفوضى وتخريب المجتمعات. إن السقوط الفكري والفشل الواقعي متلازمان لهذا التنظيم الذي أثبت جنايته وفشله، وسقطت أقنعته أمام الحقائق الكاشفة.

* كاتب إماراتي

Email