الشكل والمضمون في منتدى الإعلام العربي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تطرح أجندة منتدى الإعلام العربي الذي يحتفل بمرور 20 عاماً على انطلاقته، بدورة استثنائية تحت عنوان: «مستقبل الإعلام العربي»، على طاولة النقاش، قضايا ذات أولوية وثيقة الصلة بواقع ومستقبل الإعلام العربي، في ظل التطور التقني والتكنولوجي المتسارع ودوره الحاسم في قدرة المؤسسات الإعلامية على تلبية احتياجات قرائها ومشاهديها ومستمعيها، والتمسك بالمعايير المهنية والاحترافية لصناعة الإعلام.

لا يشير وصف استثنائية هنا إلى تخصيص فعاليات مكثفة، أو مضاعفة المساحة الزمنية لانعقاد الحدث، أو نحو ذلك، بقدر ما يحيل إلى توقيت انعقاد المنتدى نفسه، الذي يعد النسخة الأولى بعد التطوير الأهم الذي طال «جائزة الصحافة العربية»، والتي أصبحت أشمل وأعم، وأكثر استيعاباً لمفردات العمل الإعلامي في مسماها الجديد «جائزة الإعلام العربي»، لتستوعب «جائزة الصحافة العربية»، و«جائزة الإعلام المرئي» و«جائزة الإعلام الرقمي»، بالإضافة إلى تكريم «شخصية العام الإعلامية».

استثنائية الدورة تعود في جانب منها إلى كونها تواكب مرور عقدين كاملين على تأسيسها، وهو انعقاد يأتي بعد حالة الكمون القسري التي شهدتها العديد من الفعاليات الإقليمية والعالمية الكبرى بسبب جائحة كورونا.

وخلافاً لكثير من الأطروحات التي تقصر النقاشات والرؤى التحليلية حول مستقبل الإعلام عموماً، في الإطار المرتبط بالتحول الرقمي، فإن أجندة المنتدى توازن بين الأهمية التي يمثلها كل من المحتوى بكل ما يرتبط به من مفاهيم الرسالة الإعلامية والرؤية وآليات وأسلوب الطرح والمصداقية وعمق وأصالة التحليل وسوى ذلك من عناصر تقييمه وتفرده من جهة، وبين الشكل أو الوسيط المتطور الذي ينقل هذا المحتوى، وذلك عبر قضايا تلامس حاضر الإعلام العربي، ويحدد الموقف منها إلى حد كبير ملامح مستقبله.

ومع التطرق إلى مستقبل الإعلام العربي في عصر الميتافرس، وضرورة دعم تأهيل الكوادر الإعلامية العربية للاستفادة من التطور التكنولوجي الشامل الذي يشهده القطاع، نجد إحدى الجلسات تواجه مخاوف شريحة واسعة من الإعلاميين حول مستقبل مهنتهم، بعنوان استفهامي لا يقبل سوى إجابة قاطعة بنعم أو لا، هو «صناعة الإعلام.. هل لها مستقبل؟»، وعلى المنوال نفسه تأتي جلسة حول مستقبل الكتابة والكتاب وآليات تفاعلهم مع قضايا مجتمعهم، عبر عنوان يحيل في ظاهره إلى تلك العلاقة الأزلية بين الكاتب وقلمه، هو «مستقبل القلم العربي».

بالثنائية الشمولية نفسها التي تستوعب أهمية كل من المضمون أو المحتوى، والشكل أو الوسيط وتطوره، نجد استيعاباً واستشرافاً لملامح المشهد الإعلامي العربي بدءاً من الواقع والمستقبل الإعلامي في مصر، مروراً بلبنان وتطوراته، وصولاً إلى المشهد الإعلامي الخليجي، وهي نقاشات ترافقها ربما في قاعات أخرى من موقع انعقادها، أو في توقيت تال أو سابق مباشرة، مناقشة قضايا مرتبطة بالشركات الناشئة العاملة فيما اصطلح على تسميته بـ«الإعلام الجديد» وسواه، وقضايا مرتبطة بمستقبل المنصات الرقمية.

هذه فقط بعض من كلٍ أشمل تستوعبه أجندة المنتدى الثرية، والذي يعود هذا العام ليجمع نحو 3000 آلاف شخصية إعلامية وسياسية وثقافية، من كبار المسؤولين والمهتمين بصناعة الإعلام في المنطقة، وهي أيضاً جانب من الأسباب التي تدفعنا للتفاؤل بأن الإعلام العربي في طريقه إلى تجاوز الصدمة التي أحدثتها الثورة الرقمية والتقنية، لصالح إعلام مهني يوازن بين جودة المحتوى، وعصرية الشكل، يستفيد من كوادره ويطورها وينمي قدراتها وإمكاناتها، ويوظف أحدث الوسائل التقنية والتكنولوجية عبر عملية تطوير لا تتوقف، والتزام مهني لا يحيد عنه.

 

Email