مبادرة خبز السبيل

ت + ت - الحجم الطبيعي

تأسست دولة الإمارات منذ فجر اتحادها على قيم حضارية سامية، تُعنى بغرس الخير والنفع، وتكريس التكافل والتضامن، وتسخير الثروات والإمكانات لتحقيق سعادة الإنسان والتخفيف عنه، إيماناً بأن الخالق جل وعلا دعا البشر لينفع بعضهم بعضاً، وليتعارفوا ويتعاونوا فيما فيه خيرهم وسعادتهم في دنياهم وأخراهم.

ومن هذا المنطلق اعتنت دولة الإمارات عناية بالغة بالعمل الإنساني، وحثت على التطوع والتبرع والمساهمة الفاعلة في الميادين الخيرية المتنوعة، لما فيها من تعميم النفع والفائدة للمحتاجين، وترسيخ قيم الرحمة والإحساس بالآخرين، ولما في هذا العمل الجليل من التقرب إلى الله تعالى، ونيل رحمته، والظفر بثوابه الجزيل.

وقد أطلقت دولة الإمارات العديد من المبادرات الإنسانية التي تُعنى بدعم المحتاجين، داخل الدولة وخارجها، حتى تبوأت المراكز الأولى عالمياً كأكبر جهة مانحة للمساعدات الإنسانية، ولا تزال مستمرة في دروب البذل والعطاء تحت ظل قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وإخوانهما حكام الإمارات، الذين هم بحق قدوات ملهمة في إطلاق المبادرات الإنسانية الرائدة ودعمها والحث عليها، وبناء المجتمع الإنساني المتراحم الذي يمتد خيره للإنسانية جمعاء في سائر بقاع الأرض.

ومن هذه المبادرات الإماراتية الإنسانية الملهمة مبادرة «خبز السبيل»، التي أطلقها مركز محمد بن راشد العالمي لاستشارات الوقف والهبة، وهي مبادرة إنسانية رقمية مبتكرة، تهدف إلى توفير الخبز الطازج مجاناً للأسر المتعففة والأيدي العاملة والمحتاجين في سائر الأوقات، من خلال آلات ذكية مبرمجة مسبقاً لتحضير الخبز وتوفيره.

لقد قالها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله: «لن يجوع أحد على أرض الإمارات دون أن يهتم به الجميع»، أقوالٌ سامية ورؤى إنسانيةٌ تترجمها أفعال نبيلة، وتقودها مؤسسات ومراكز تكرس العمل الإنساني في أبهى الحلل وبأسرع الوسائل والطرق، وتجعل سعادة الإنسان وراحته وإعانته على توفير متطلبات الحياة أولوية قصوى، وخاصة في ما يتعلق بالغذاء الذي هو عصب حياة الإنسان.

وتأتي أهمية هذه المبادرة الإنسانية المبتكرة «مبادرة خبز السبيل» كونها تواكب تحديات الوقت الراهن، وخاصة بسبب ما نتج عن أزمة «كورونا» والصراعات المتفاقمة بين الدول من آثار سلبية على سلاسل توريد الغذاء، وعلى أسعار المواد الغذائية، بالإضافة إلى ما تواجهه كثير من المجتمعات اليوم من أزمة الحبوب والخبز، إلى جانب التحديات العالمية عموماً التي تواجه ملف الأمن الغذائي، ما يستدعي من الجميع استحداث الحلول المبتكرة التي توظف أفضل ما توصلت إليه البشرية من تقنيات وعلوم في دعم المسار الخيري والإنساني وتعزيز منظومة الأمن الغذائي.

ودولة الإمارات سبَّاقة في هذا المجال، وتأتي في مقدمة الدول التي تقدم الحلول المبتكرة لدعم الأمن الغذائي، ومنها «مبادرة خبز السبيل»، التي بدأت في دولة الإمارات لتقديم الخبز مجاناً لكل محتاج، وتسعى لتكون إحدى مبادراتها العالمية في هذا المجال، لمد جسور التراحم والتكافل وتشجيع الأيادي البيضاء الكريمة لتسهم في توفير الخبز حول العالم، ولتعزز كذلك مفهوم الخير الرقمي، بتوظيف أدوات التكنولوجيا الحديثة في تحقيق المنافع الكبرى والمصالح العليا.

فما أجمل أن نتعاون مع مثل هذه المبادرات الرقمية المبتكرة التي توظف التكنولوجيا في أسمى المجالات وأرقاها، وهو مجال العمل الخيري والإنساني، وتتيح للجميع فرصة المشاركة في ميادين الخير بأيسر السبل وأسهلها، عبر الأجهزة والتطبيقات الذكية، فإن مثل هذه الجهود والمبادرات تتكامل بالتعاون والتفاعل المجتمعي، والمجتمع الإماراتي بحمد الله يتميز بجوده وكرمه، وحبه لعمل الخير، وهو إرث أصيل راسخ في وجدان هذا الشعب الأصيل، ليكون من أكثر شعوب الأرض إسهاماً في عمل الخير ونفع الناس.

إن فضل الصدقة والوقف كبير، وهو أعظم ما يستثمر فيه الإنسان أمواله، ويحتسب فيه الأجر من الله تعالى، وقد جاء في فضل الصدقة عموماً وفضل إطعام الطعام خصوصاً نصوص قرآنية ونبوية كثيرة تحث على ذلك، فإطعام الطعام من أفضل الأعمال عند الله تعالى، لما له من الأثر العظيم في مكافحة الجوع وتوفير الغذاء للبشرية أينما كانوا، مستحضرين قول الله تعالى في الحث على ذلك، وخاصة في أوقات الحاجة: {أو إطعامٌ في يومٍ ذي مسبغة}.

Email